Home سياسة تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية.. هنا بدأ صراع الفيل مع الحمار

تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية.. هنا بدأ صراع الفيل مع الحمار

109
0


تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية أحد الموضوعات الشيقة التي تجتذب كثيرين، لما يحتويه هذا الماراثون الانتخابي من إثارة ومفارقات.

وخلال الاستحقاق الذي سيجرى في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الجاري، يتواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن، من أجل الاستمرار لولاية جديدة عن الحزب الديمقراطي، مرة ثانية مع خصمه الجمهوري في انتخابات 2020 الرئيس السابق دونالد ترامب.

ورغم أن الانتخابات تجرى كل 4 سنوات، إلا أن الشغف بها لا يقتصر على فترة التصويت أو ما قبلها بقليل، بل الواقع يقول إن الولايات المتحدة تبدو كما لو كانت في حالة انتخابات ودعاية انتخابية دائما، نتيجة نظامها متعدد المراحل.


فما هو تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟

ويعود إجراء أول انتخابات رئاسية أمريكية إلى عام 1789، ومن ثم فإن هذا هو تاريخ تأسيس الانتخابات الأمريكية، وكانت المنافسة وقتها بين 3 مرشحين هم جورج واشنطن، الذي ترشح كسياسي مستقل وقد فاز بها كأول رئيس أمريكي، بعد أن واجه مرشحين اثنين من الحزب الفيدرالي وهما جون جاي وجون آدامز، والأخير سيكون لاحقا ثاني رئيس للولايات المتحدة.

وتجرى الانتخابات كل 4 سنوات، ويمكن إعادة انتخاب الرئيس لولاية إضافية فقط، وفي المجمل، تم إجراء 59 انتخابات منذ عام 1789، وتم انتخاب 40 رئيسا من أصل 46 بهذه الطريقة.

وتستخدم الولايات المتحدة نظام المجمع الانتخابي، الذي فيه يكون لكل ولاية عدد محدد من الناخبين (متناسب مع عدد السكان) وهؤلاء يتم انتخابهم، ليختاروا المرشح المفضل.

ومنذ عام 1824، تبنت معظم الولايات نهج الفائز يحصل على كل شيء في الانتخابات الرئاسية، حيث تذهب جميع أصوات الولاية للفائز في التصويت الشعبي.

الفيل الجمهوري والحمار الديمقراطي

تطورات انتخابات الرئاسة الأمريكية

وقد ارتفع العدد الإجمالي للأصوات في المجمع الانتخابي مع توسع الولايات المتحدة بمرور الوقت، حتى وصل عام 1964 إلى إجمالي 538 صوتا انتخابيا، ولذلك يحتاج المرشحون إلى أغلبية 270 صوتا للفوز في الانتخابات بشكل مباشر.

وإذا لم يحصل أي مرشح على أغلبية الأصوات الانتخابية، يختار مجلس النواب الفائز، لكن هذا حدث مرتين فقط عامي (1800 و1824).

وكانت هناك أربع مناسبات انتخابية لم يفز فيها المرشح الأكثر شعبية على مستوى البلاد بالانتخابات، بسبب طبيعة نظام الهيئة الانتخابية في سنوات (1876، 1888، 2000 و2016).

ومن وقت لآخر تظهر دعوات لإعادة النظر في طريقة انتخاب الرئيس الأمريكي، وتأكيد البعض أن آلية المجمع الانتخابي ظلمت كثيرا من المرشحين.

وعلى سبيل المثال، لو كانت هناك ولاية (س) عدد مندوبيها في المجمع 30 وكتلتها التصويتية 3 ملايين، وفاز المرشح (أ) بمليون و600 ألف صوت، فإنه يحصل على أعداد المندوبين بالكامل في مواجهة منافسه (ب) الذي حصل شعبيا على مليون و400 ألف.

المرشح (ب) الذي خسر في الولاية السابقة ربح في ولاية أخرى (ص) عدد مندوبيها في المجمع 25، وكتلتها التصويتية مليونين ونصف، فاستطاع أن يحصل على 2 مليون صوت، مقابل نصف مليون لمنافسه (أ).

على صعيد التصويت الشعبي في الولايتين حصل المرشح (ب) على 3 مليون و400 ألف صوت، فيما حصل (أ) على 2 مليون و100 ألف صوت، لكن وفق المجمع فإن الأخير يفوز بالرئاسة لأنه حصل على ولاية لديها عدد مندوبين أكبر في المجمع.

الفيل الجمهوري والحمار الديمقراطي

نظام الحزبين في الانتخابات الأمريكية

وضمن تطور العملية الانتخابية في أمريكا، استخدمت البلاد نظام الحزبين معظم تاريخها، حيث هيمن الحزبان الديمقراطي والجمهوري على السياسة الأمريكية منذ انتخابات عامي 1828 و1860 على التوالي.

وحتى انتخابات 2020، فاز المرشحون الجمهوريون بـ24 انتخابات، في حين فاز الديمقراطيون بـ23 انتخابات.

ويقول تاريخ الانتخابات الأمريكية إنه حتى منتصف القرن العشرين، كان الحزب الديمقراطي أكثر تحفظا بشكل عام، وكانت قوته متركزة بين الناخبين الجنوبيين والريفيين، في حين كان الحزب الجمهوري يميل إلى أن يكون ليبراليا أكثر، وعليه كان أكثر شعبية في الشمال الشرقي وفي المراكز الحضرية.

وقد استغرق الناخبون سنوات في كثير من الأحيان لتحويل تحالفهم إلى الحزب الذي عارضوه لفترة طويلة، فلم يحدث هذا إلا بعد ظهور “استراتيجية الجنوب” التي تبناها الجمهوريون (في الستينيات والسبعينيات)، التي استفادت من التوترات العنصرية المتبقية في الجنوب ودفعت الحزب إلى مزيد من اليمين، حيث أصبحت اتجاهات التصويت وسياسات الحزب قريبة كذلك من الجنوبيين.

وتبدأ الانتخابات من خلال إعلان المرشحين عزمهم خوض السباق بعد التأكد من أن فرصتهم على المنافسة قوية، ثم يخوض هؤلاء انتخابات تمهيدية داخل الحزب، للفوز بترشيحه، إذ يختار الحزب مرشحا واحدا يخوض الاقتراع الرئاسي.

تطور حق التصويت في انتخابات الرئاسة الأمريكية

والتغيرات في النظام الانتخابي الأمريكي حاضرة على مر العصور، إذ أنه في البداية، كان يحق للذكور البيض التصويت فقط من خلال حيازة الممتلكات، لكن حق التصويت امتد ليشمل جميع الرجال البيض تقريبا بحلول عام 1856.

ولم يُسمح “للعبيد” أبدا بالتصويت، على الرغم من حق الاقتراع العام لجميع الرجال السود بعد الحرب الأهلية، إلا أن قوانين تحقيرية حرمت السود في الجنوب من حق التصويت بشكل فعال، حتى الستينيات.

وبما أن السكان السود (بما في ذلك العبيد) تم تضمينهم عند حساب التمثيل الانتخابي، فقد كان للجنوبيين البيض تأثيرا غير متناسب على الانتخابات الأمريكية طوال معظم تاريخ البلاد.

وبعد كفاح دام قرنا من الزمان، مُنحت المرأة أخيرا حق الاقتراع على مستوى البلاد في عام 1920، ومنذ انتخابات عام 1980، كانت نسبة مشاركة النساء في الانتخابات الرئاسية أعلى من الرجال.

وشهدت العقود الأخيرة أيضا وصول نسبة إقبال الناخبين السود إلى مستوى يساوي إقبال الناخبين البيض، بل والترشح لانتخابات الرئاسة لاحقا، وصولا إلى انتخاب باراك أوباما عام 2008.

الفيل الجمهوري والحمار الديمقراطي

التصويت الإلكتروني

بالنسبة لتاريخ التصويت الإلكتروني في الولايات المتحدة، فقد سبقته آليات مختلفة للتصويت، كانت بدايتها آلة ميكانيكية به يد طويلة يتم التصويت من خلالها، ثم تم استخدام جهاز لاحقا يحمل زر لكل مرشح ويتم الضغط عليه، وفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

أيضا استخدم نظام التصويت عبر البطاقة المثقوبة، فيكون التصويت من خلال ثقب البطاقة عند المرشح المفضل، لكنها واجهت صعوبات تقنية في عملية الفرز، وصولا إلى بدء استخدام وسائل التصويت الأوتوماتيكي منذ عام 1910.

وفي انتخابات 2020 استخدم نظام التصويت الإليكتروني، الذي كان يتاح للعسكريين في الخارج منذ عام 2018، وارتبط بفكرة التباعد الاجتماعي المطبق عقب جائحة كورونا، وأيضا لمساعدة الحالات المرضية التي تواجه إعاقات جسدية تحول دون قدرتها للذهاب إلى مراكز الاقتراع، وكذلك أتيح للأمريكيين المقيمين في الخارج التصويت عبره.

الفيل الجمهوري والحمار الديمقراطي

الحمار الأزرق في مواجهة الفيل الأحمر

وبالاتجاه إلى تطور الحملات الانتخابية عبر التاريخ الأمريكي، فإنها كأي انتخابات تتعدد فيها وسائل الدعاية، لكن أكثر ما يلفت النظر فيها المنافسة بين رمزي الحمار والفيل، ولهما قصة كبيرة، إذ يرمز الأول إلى الحزب الديمقراطي، بينما يرمز الثاني إلى الحزب الجمهوري.

واختيار الحمار رمز انتخابي يعود إلى عام 1828، عندما ترشح الديمقراطي أندرو جاكسون للرئاسة وكان شعاره “لنترك الشعب يحكم”، فسخر منه منافسه الجمهوري ووصفه بـ”الشعبوي الرخيص”.

رد جاكسون على هذا الانتقاد باختيار حمار رمادي اللون كشعار له، وجاب القرى بملصقات الحمار، ليظهر أنه قريب من الناس عكس منافسه الجمهوري الذي وصف بأنه نخبوي لا ينشغل بهمومهم.

ومع حلول عام 1870، تحول الحمار إلى رمز للديمقراطيين، عندما قام رسام كاريكاتير برسم مواجهة بين حمار أسود عنيد في مواجهة فيل مذعور، والفيل هنا كان يرمز للجمهوريين، وأصبحت لاحقا مسألة رسومات الحمار والإبداع فيها واحدة من أبرز أشكال الدعاية في الحملات الانتخابية للديمقراطيين.

وقد ظهر الفيل كشعار للجمهوريين في انتخابات عام 1860 في إطار الدعاية المساندة لإبراهام لينكلن، ثم أصبح عام 1870 شعارا للحزب الجمهوري بسبب نفس رسام الكاريكاتير الذي رسم فيلا ضخما يعبر عن الثقل المالي للجمهوريين وصوتهم الوازن.

أما الألوان، فيشير الأحمر إلى الحزب الجمهوري الذي كان يتمتع بالثقل في الشمال الفيدرالي خلال فترة الحرب الأهلية في ستينيات القرن الـ19، أما الأزرق فكان يشير إلى ولايات الجنوب، التي كان للحزب الديمقراطي ثقلا بها، وتم استخدامهما لاحقا للتمييز بين الولايات الداعمة للحزبين.

aXA6IDJhMDI6NDc4MDoxOjExMjk6MDozM2VmOmVkOGU6MiA= جزيرة ام اند امز US