Home سياسة “ذي نيشن”: “إسرائيل” تهدف إلى جعل قطاع غزة مكانا لا يصلح للعيش...

“ذي نيشن”: “إسرائيل” تهدف إلى جعل قطاع غزة مكانا لا يصلح للعيش فيه

12
0

نشرت مجلة “ذي نيشين” مقالا لجوشوا فرانك قال فيه إن الوحشية بالنسبة لإسرائيل هي الهدف من حملتها ضد غزة. وأكد في مقاله أن هدف إسرائيل من قصفها للقطاع هو جعله مكانا غير صالح للعيش بنهاية حملتها العسكرية التي لا ترحم.

 ففي الفضاء الجميل لشاطئ وسط غزة، وعلى بعد ميل واحد من مخيم الشاطئ الذي سوي بالأرض الآن، كانت هناك أنابيب سوداء ملقاة على الأرض وضعها الجنود قبل أن تختفي تحت الأرض، وهي صورة بثتها وزارة الدفاع الإسرائيلية، وتظهر أعدادا من الجنود وهم يضعون الأنابيب وما يبدو محطات لضخ المياه من البحر المتوسط إلى الأنفاق تحت الأرض. والخطة، كما تشير تقارير، إغراق الشبكة الواسعة من الأنفاق التي يقال إن حماس بنتها وتستخدمها في عملياتها.

وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال هيرتسل هاليفي “لا أريد الحديث عن التفاصيل، ولكنها تضم متفجرات للتدمير ووسائل لمنع ناشطي حماس من استخدام الأنفاق والإضرار بالجنود” و”أي وسيلة تعطينا التميز على العدو [الذي يستخدم الأنفاق] وحرمانه من هذا الرصيد تعني بأننا نقوم بإعادة تقييم هذا، وهذه فكرة جيدة”.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها أنفاق حماس للتخريب باستخدام المياه. ففي عام 2013 قامت مصر بإغراق الأنفاق التي تستخدمها حماس لتهريب البضائع والأسلحة بين البلدين ولأكثر من عامين. واستخدمت مصر مياه البحر المتوسط في العملية، مما تسبب بدمار على البيئة في غزة، وأصبحت المياه الجوفية ملوثة بالأملاح، وأصبحت مشبعة بالأوحال وغير مستقرة، مما أحدث انهيارات أرضية وقتلت أعدادا كبيرة من الناس.

 وعندما تصبح التربة مشبعة بالمياه الملحية ومياه الشرب ملوثة، يصعب على الناس استخدامها. وستؤدي استراتيجية إسرائيل ضد حماس، وبدون شك إلى نفس الضرر الذي لا يمكن إصلاحه. وقالت جوليان شيلنغر، الباحثة في جامعة توينتي في هولندا “من المهم أن نضع في ذهننا، أننا لا نتحدث فقط عن مياه مشبعة بالملح، فمياه البحر ملوثة بفضلات لا يمكن معالجتها والتي تصب في نظام الصرف الصحي بغزة والذي يعاني من مشاكل وخلل”.

ويقول الكاتب إن هذا بالطبع يبدو جزءا من أهداف إسرائيل، ليس تفكيك قدرات حماس العسكرية فقط ولكن تلويث المياه الجوفية الملوثة أصلا من مياه الصرف الصحي المتسربة من الأنابيب المتآكلة.

 وكان المسؤولون الإسرائيليون واضحين بأنهم سيتأكدون من عدم صلاحية غزة للعيش عندما يتوقفون عن عملياتهم العسكرية. وقال وزير الدفاع، يواف غالانت “نحن نقاتل حيوانات بشرية ونتصرف بناء على هذا” و”سنمحو كل شيء وسيندمون”. وإذا كان الدمار غير كاف، حيث دمر القصف العشوائي نسبة 70% من مباني غزة، فإن إغراق الأنفاق بالمياه المالحة سيتسبب بأضرار بنيوية لما تبقى من المباني بشكل يجعل من إصلاحها مستحيلا.

ويقول عبد الرحمن التميمي، مدير مجموعة خبراء المياه الفلسطينيين إن إغراق الأنفاق بالمياه المالحة سيؤدي إلى تراكم الملح وانهيار التربة بشكل يقود لهدم آلاف البيوت الفلسطينية. ونتيجته لن تكون أكثر صدمة “فقطاع غزة سيصبح خاليا من السكان ولن يتم التخلص من الآثار البيئية للحرب إلا بعد 100 عام”.

وبالمحصلة، يقول التميمي إن إسرائيل تدمر البيئة في غزة وبدأت بتدمير حقول الزيتون فيها. وكانت غزة تنتج في كل عام 5,000 طن من زيت الزيتون من 40,000 شجرة. وتزامن موسم الزيتون العام الماضي مع بداية الحرب، وهو موسم ينتظره الفلسطينيون لأنه يجلب لهم الأمل والرزق والسعادة. وكانت نسبة زيت الزيتون من اقتصاد غزة العام الماضي، هي 10% من مجمل الاقتصاد، أي 30 مليون دولار. وبالطبع ترك الزيتون العام الماضي على أشجاره ودمرت إسرائيل الأراضي الزراعية، عبر سياسة الأرض المحروقة.

وتظهر صور الأقمار الاصطناعية أن نسبة 22% من الأراضي الزراعية في غزة باتت يبابا. ويقول أحمد عودة من خزاعة “لقد تحطمت قلوبنا على المحصول” و”لا نستطيع الري أو العناية بالأرض، وبعد كل حرب مدمرة ندفع آلاف الشواقل للتأكد من نوعية محصولنا وصلاحية الأرض للزراعة”. وتركت الحرب التي شنتها على غزة أثرها المدمر وأكثر من 23,000 قتيل، معظمهم من النساء والأطفال.

ومنذ عام 1967 اقتلعت إسرائيل أكثر من 800,000 شجرة لبناء المستوطنات في الضفة الغربية أو لأغراض تقول إنها أمنية أو مجرد انتقام صهيوني. وحصاد الزيتون عادة معروفة في منطقة الشرق منذ أقدم الأزمنة، ومن هنا فاقتلاع أشجاره “مرتبط بالتغيرات المناخية التي لا رجعة فيها، ومحو التربة وتخفيض المحاصيل، كما قالت مجلة “مراجعة ييل” في 2023. واقتلاع أشجار الزيتون هو تدمير للبيئة الفلسطينية، فأشجار الزيتون هي ملجأ لأنواع عدة من الطيور، مثل الخصيري والغراب المقنع وطائر الشمس. وهي مهمة للبيئة، حيث كتب سايمون عواد عمر في عدد المجلة الأردنية للتاريخ الطبيعي عام 2017 “يمكن اعتبار حقول الزيتون في فلسطين بأنها فضاء ثقافي مصمم كنظام عالمي زراعي بسبب الجمع بين التنوع البيولوجي والثقافة والقيم الاقتصادية”. وشجرة الزيتون القديمة هي شهادة عن الفلسطينيين وتوقهم للحرية.

وإلى جانب تلويث التربة فإن إسرائيل تلوث غزة من الأجواء، حيث وثقت أمنستي إنترناشونال وصحيفة “واشنطن بوست” حالات عدة استخدام الفسفور الأبيض. ويقول روبرت بيب، البروفسور في جامعة شيكاغو إن “عملية غزة هي واحدة من أكثر الحملات العقابية المكثفة في التاريخ” و”هي تقف على قمة مربع حملات القصف للأبد”. ويرى الكاتب أنه لم يحصل أبدا في تاريخ الحروب أن كشف مرتكبو الجريمة عن نواياهم، وهو ما ورد في ملف جنوب أفريقيا المقدم لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، كما حدث في غزة. ومثلما حاول الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ وضعها مبررا المذابح ضد الفلسطينيين “كل الأمة هناك مسؤولة [عن 7 تشرين الأول/أكتوبر] وكل هذا الخطاب عن عدم معرفة المدنيين أو عدم تورطهم، غير صحيح بالمطلق. كان بإمكانهم الانتفاضة أو مقاتلة نظام الشر”.

ولم نشهد حملة عسكرية دعمها جو بايدن وفريق السياسة الخارجية تم فيها ارتكاب العنف ويحدث في الوقت الحقيقي في الإعلام ومنصات التواصل. فغزة، سكانها وأرضها، عانوا منها على مر القرون، لكن الحملة الأخيرة لوثت أرضها وحولتها إلى منطقة غير قابلة للحياة وستظهر آثارها على الأجيال القادمة.