Home سياسة هل أصبحت “النهضة” على حافة الإفلاس بعد الانهيار الشعبي والرسمي؟

هل أصبحت “النهضة” على حافة الإفلاس بعد الانهيار الشعبي والرسمي؟

7
0

بعد أشهر من توقيف معظم قياداتها بدأت الضغوط على حركة “النهضة” في تونس تتفاقم في ظل متاعب مالية ما دفع مالك المقر المركزي للحزب إلى تحريك دعوى قضائية من أجل إخلائه وإخراج الحركة منه بعد عدم دفع إيجاره.

وأعاد هذا التطور تسليط الضوء مجدداً على ملف تمويل “النهضة” الذي يُعد بمثابة “الصندوق الأسود” الذي ما انفك يثير الجدل على رغم أن الحركة لطالما نفت تلقيها تمويلات خارجية في مواجهة اتهامات خصومها. 

وأغلقت السلطات التونسية أخيراً المقر المركزي لحركة “النهضة” في العاصمة وفي بقية المناطق وذلك بعد توقيف زعيمها التاريخي، راشد الغنوشي، إثر تصريحات له عدتها السلطات “تلويحاً بحرب أهلية”. 

وحتى قبل هذه التطورات شهدت شعبية حركة “النهضة” تراجعاً إثر خروجها من الحكم، لكن يبدو أن هذا الانهيار السياسي والشعبي سيرافقه انهيار مالي في ظل معاناة الحركة من تراكم للديون وعجز عن تجميع المستحقات المالية.

 

تراكم للديون

في الوقت الذي حاول فيه الأمين العام الجديد لـ “النهضة”، العجمي الوريمي، بث رسائل طمأنة إلى أنصار الحركة في خضم الأزمة التي تواجهها حيث قال في تصريحات صحفية إنه “لا يوجد أي قوة قادرة على شل الحركة”، أطل ملف تمويل الحركة برأسه من جديد بسبب رفع مالك مقرها المركزي دعوى قضائية لإخراجها منه.

ويعكس هذا التطور أزمة مالية لم تتردد قيادات في “النهضة” من إخراجها إلى العلن حيث قالت القيادية، زينب البراهمي، إن “مالك المقر المركزي يطالب بسداد مستحقاته وهي مبالغ كبيرة في الواقع” لافتة إلى أن “استمرار غلق المقر من قبل السلطات منعنا من جمع التبرعات من المنتسبين للحزب وهي مصدر تمويلنا الوحيد”.

وبدت البراهمي وكأنها تنفي أن تكون الحركة تتلقى تمويلات من الخارج وهي تهمة لطالما لاحقت الحزب من قبل خصومه السياسيين. ورغم نفيها ذلك إلا أن “النهضة” أنفقت منذ 2011 أموالاً طائلة على حملات انتخابية ووعدت بمشاريع مهمة لم تنفذ.

 

وكانت لمحكمة المحاسبات التونسية، وهي أعلى هيئة قضائية رقابية في البلاد، قد أصدرت تقريراً في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2020 كشفت فيه أن حركة “النهضة” تعاقدت مع شركة ضغط أميركية منذ عام 2014 لتلميع صورتها.

وقالت القاضية في المحكمة فضيلة القرقوري في وقت سابق إن “عقدين أبرمتهما الحركة مع الشركة تجاوزت تكلفتهما ربع مليون دولار، وأنه لم يتسن بعد معرفة مصادر هذه الأموال”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وردت الحركة على هذه الاتهامات الرسمية آنذاك بأن “الخطأ وارد في تقاريرنا المالية لكن هذا لا يمكن أن يرتقي إلى مرتبة الجرائم الانتخابية”.

ولطالما أثارت علاقات حركة “النهضة” الخارجية جدلاً في الشارع السياسي في تونس خصوصاً في ظل الاتهامات التي تلاحقها بمحاولتها تنفيذ أجندات التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في البلاد وهو أمر تنفيه الحركة. 
 
تأثير غياب الغنوشي 

ويقبع زعيم “النهضة” ونائبه وعدد من قيادات “النهضة” في السجن منذ أشهر بسبب قضايا التآمر على أمن الدولة والفساد وما تقول السلطات القضائية “تحريض ضد الدولة”. وتنفي “النهضة” هذه التهم منتقدة باستمرار “مساع لتصفية الخصوم السياسيين” في تونس التي شهدت انعطافة سياسية لافتة قبل عامين من الآن.

وينظر كثيرون إلى زعيمها المخضرم، راشد الغنوشي، الذي له علاقات خارجية واسعة لا سيما مع تركيا على أنه المتحكم الفعلي في موارد الحركة المالية، وقد انتقدت أنقرة بالفعل توقيفه في وقت سابق.

وقال الباحث السياسي التونسي الجمعي القاسمي إن “غياب الغنوشي له تأثير كبير على وضع حركة النهضة المالي، لأنه هو الذي يأمر بصرف الأموال لذلك عند غيابه حيث يقبع في السجن لم يتم سداد المستحقات التي على الحركة ولا يوجد أي صرف للأموال لكنني أستبعد أن تكون الحركة بصدد مواجهة إفلاس مالي”.

وتابع القاسمي في حديث مع “اندبندنت عربية” أن “الملف المالي لحركة النهضة يعد من الألغام الحقيقية التي يجب التوقف عندها ومحاولة تفكيكها لأنه خلال الفترة من 2011 إلى غاية 2019 كان المال ظاهراً بشكل جلي لدى الحركة الإسلامية لكن ما هو معلن يتناقض مع ما يلاحظ من قبل الفاعلين السياسيين بمعنى أنها تقدم فواتير بشكل قانوني أقل بكثير من عمليات الصرف التي نراها بشكل لافت”.

وأوضح أن “ملف تمويل النهضة من الملفات الخطيرة التي يتعين على السلطات التونسية تفكيكها لكن بشكل قانوني من خلال إخضاع الحركة للمساءلة القانونية لمعرفة مصادر تمويلها”.

إفلاس متوقع

وما يعزز التكهنات في إمكان حدوث إفلاس مالي لحركة “النهضة” في تونس توجه السلطات إلى تشديد الرقابة على الأموال التي تتدفق من الخارج على الأحزاب والجمعيات وهي أموال طائلة بالفعل في خطوة من غير الواضح ما إذا ستكون لضبط المشهد أم استبعاد هذه الأحزاب والجمعيات.

وقال المحلل السياسي محمد صالح العبيدي إن “إفلاس حركة النهضة المالي متوقع في ظل الخطوات التي اتخذت في حق قياداتها ما قيد سفرهم وغير ذلك والكل يعرف أن معظم تمويلات الحركة هي من الخارج وهو أمر كانت تجاهر به في ذروة قوتها في الفترة من 2011  إلى 2014 على وجه الخصوص”.

وأردف العبيدي أن “غياب الغنوشي الذي يحظى بثقة وتواصل قوي مع حلفاء الحركة الخارجيين والداخليين يجعل من إفلاسها أمر وارد جداً ومتوقع لا سيما أن دورها اليوم تقلص بعد الخروج من السلطة ما يعني عدم المراهنة عليها خصوصاً في ظل التغيرات الإقليمية أيضاً ورياح المصالحة التي هبت من أكثر من اتجاه”.

وفي ظل غياب أحكام قضائية حاسمة في شأن تمويل حركة “النهضة” الإسلامية فإن السجالات ستستمر على الأرجح حول ذلك خصوصاً أن ثروة زعيمها أيضاً ما انفكت تثير الجدل لا سيما بعد تحقيق أجرته صحيفة محلية في وقت سابق ونفى الحزب صحة ما ورد فيه من تفاصيل حول ثروة الغنوشي الذي تعهد بملاحقة الصحيفة قضائياً.