Home سياسة مواجهات وقصف بالخرطوم ومعارك شرسة في أم درمان

مواجهات وقصف بالخرطوم ومعارك شرسة في أم درمان

7
0

صدم السودانيون، فجر أمس السبت، بتدمير جسر شمبات العريق الرابط بين مدينتي الخرطوم بحري وأم درمان الذي يعود تاريخه إلى 57 عاماً منذ افتتاحه في 1966، وإثر انفجار عنيف هز أجزاء كبيرة من المدينتين تدمر كامل وسط الجسر وانشطر إلى جزأين مما تسبب في عزل المدينتين عن بعضهما تماماً.

تبادل الاتهامات

وتبادل كل من الجيش وقوات “الدعم السريع” الاتهامات بتنفيذ عملية التدمير، في وقت ظلت فيه عمليات تدمير البنية التحتية تتصاعد بعد احتراق مستودعات شركتي “النيل” و”النحلة” داخل مصفاة نفط الخرطوم على التوالي خلال اليومين الماضيين.

واتهم الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة قوات “الدعم السريع” بنسف وتدمير الجسر في إطار مشروعها التدميري لمقدرات البلاد وبنيتها التحتية، وكنتيجة للتقدم الميداني الذي بدأ يحرزه الجيش، لا سيما في أم درمان، مما دفع الميليشيات المتمردة، فجر أمس، لتدمير الجسر.

بدورها ردت قوات “الدعم السريع” متهمة الجيش بتدمير الجسر، فيما دان بيان لـ”الدعم السريع”، ما سماها ميليشيات البرهان الإرهابية وفلول المؤتمر الوطني بالتمادي في مخطط تدمير البنى التحتية الحيوية بالبلاد.

من جانبها دانت وزارة الخارجية السودانية، تدمير الميليشيات المتمردة لجسر شمبات واستهدافها الممنهج للبنى التحتية، مطالبة المجتمع الدولي بإدانة هذه الجريمة الإرهابية وما سبقها من جرائم مماثلة.

واعتبر بيان للخارجية تدمير الجسر محاولة يائسة من الميليشيات لوقف تقدم القوات المسلحة، ويجيء تالياً لإحراقها عدداً من المؤسسات الاقتصادية الاستراتيجية والمرافق العامة، في العاصمة وعدد من الولايات، أحدثها محاولة إحراق مصفاة الخرطوم، الأسبوع الماضي. وحمل البيان، مسؤولية تلك الجرائم للميليشيات ومن يقف وراءها.

أم درمان تشتعل

في الأثناء يتواصل التصعيد الميداني بين الجانبين حيث انتقل ثقل المعارك والمواجهات بينهما إلى عمق وأطراف مدينة أم درمان بصورة أكثر حدة وشراسة.

وقال مواطنون في أم درمان (حي الثورة)، “معظم أنحاء أم درمان مشتعلة ونسمع بوضوح دوي القصف المتبادل بالراجمات وكذلك أصوات مدافع الدبابات والهاون، بينما يجوب الطيران الحربي سماء المنطقة الجنوبية الشرقية للمدينة”.

بحسب شهود عيان، فإن معظم أحياء أم درمان تحتدم فيها المعارك والاشتباكات تزامناً مع قصف مدفعي كثيف لم ينقطع طوال أمس استهدف مواقع لقوات “الدعم السريع” بوسط المدينة القديمة، وأن عدداً من قذائف المدفعية سقطت على بعض أحياء الثورات شمال أم درمان.

بينما تشهد المناطق المتاخمة لجسر شمبات المدمر هدوءاً حذراً على جانبيه بكل من الخرطوم بحري وأم درمان، وقعت اشتباكات برية شرسة على امتداد شارع النيل وفي أحياء أبو روف ووسط أم درمان القديمة وودنوباوي، كما سمع المواطنون من داخل منازلهم أصوات المدافع الرشاشة في المناطق الفاصلة بين الثورة والمنطقة الصناعية، وامتدت المعارك إلى شارع الوادي شمالاً وشارع العرضة وحتى حي الملازمين ومحيط الإذاعة والتلفزيون ومنطقة أم بده جنوباً.

غارات وقصف

كذلك تواصل القصف المتبادل المتقطع في أنحاء متفرقة في كل من الخرطوم، والخرطوم بحري التي تركزت فيها الغارات الجوية على تجمعات ومواقع مدفعية “الدعم السريع” داخل المزارع على شواطئ شريط النيل، كما شن الطيران الحربي عدة غارات جوية قصف خلالها أهدافا لـ”الدعم السريع” قرب جسر الحلفايا.

وكثف الجيش قصفه المدفعي العنيف والمتواصل من قاعدة وادي سيدنا العسكرية أقصى شمال أم درمان، في اتجاه نقاط ارتكاز قوات “الدعم السريع” بكل من أم بده وأم درمان القديمة وشمال بحري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضحت مصادر عسكرية، أن الجيش ينفذ عمليات التمشيط البري الواسعة والمسنودة جواً في كل أرجاء أم درمان، مع تأمين الأحياء التي تُنظف، مشيراً إلى الدفع بقوات متنوعة كبيرة لأجل تنفيذ تلك المهمة.

وأضاف المصادر، أن القوات المشتركة الخاصة تمكنت في عملية نوعية خلف خطوط العدو من الاستيلاء على صواريخ “كورنيت” مضادة للدبابات تابعة لـ”الدعم السريع”، داخل أحد المنازل بمنطقة جبرة جنوب الخرطوم، كما نفذت قوات المدرعات حملة برية بمنطقتي الشجرة ويثرب بالخرطوم أسفرت عن خسائر كبيرة وسط القوات المتمردة.

الفاشر والجنينة

في غرب البلاد، لا تزال أنظار الداخل والخارج ومؤسسات الأمم المتحدة مشدودة باتجاه التوتر والتحشيد والاشتباكات في مدينة الفاشر عاصمة دارفور.

 وأكد قادة أهليون، أن الجيش يبدو في قمة استعداده وإصراره على منع اجتياح المدينة، بينما تؤكد قوات “الدعم السريع” جاهزيتها لدخولها، وبينهما تقف القوات المشتركة لحركات سلام جوبا في موقف لا تحسد عليه، حيث نشرت عدداً من نقاط الارتكاز عند مداخل الأسواق والأحياء بحجة حماية المدنيين وممتلكاتهم، مما قد يضعهم في مواجهة قوات “الدعم السريع” حال دخولها المدينة.

وتحمل القيادات الأهلية، التي تسعى جاهدة لإقناع الطرفين بتجنب المواجهات، كل من الجيش والحركات المسلحة كامل المسؤولية العسكرية والأخلاقية لما سيترتب على سقوط المدينة في يد “الدعم السريع” على الصعد العسكرية والسياسية أو ما سيحدث للمدنيين.

من جانبه حمل المركز الحقوقي السوداني الموحد “قوات الدعم” المسؤولية القانونية عن جميع الانتهاكات التي وقعت بعد سيطرتها على الحامية العسكرية بمدينة الجنينة غرب دارفور باعتبارها سلطة الأمر الواقع في الولاية، محذراً من أن مثل هذه الجرائم والانتهاكات لا تسقط بالتقادم.

وأكد المركز، أن القتل في منطقة أردمتا التي لا تبعد سوى سبعة كيلومترات فقط عن مقر الفرقة “15” مشاة بالجنينة جرى على أساس الهوية، وفي بقعة تعج بمعسكرات للنازحين من قرى ومدن دارفور منذ نشوب الصراع المسلح في عام 2003.

وأوضح المركز أن الصراع هناك يأخذ طابعاً عرقياً بين المجموعات المحلية العربية والمجموعات الزنجية منذ اندلاع النزاع المسلح الأول بينهما، متهماً النظام السابق بتسليح المجموعات العربية والاستعانة بها في القتال لسحق الحركات المسلحة التي ينتمي معظم عناصرها إلى المجموعات الزنجية.

منحى تدميري

في السياق أعرب الباحث الأمني على ضيف الله عن أسفه للمنحى التدميري المتعمد والمباشر باستهداف البنية التحتية الحيوية الذي بدأت تتخذه الحرب خلال الآونة الأخيرة، مما يشير بوضوح إلى منعطف جديد باتت فيه البنية التحتية جزءاً من أدوات حرب، من ثم فإن كل الكباري والمنشآت الحيوية ستكون مهددة بالتحول أيضاً إلى أهداف عسكرية.

وأوضح ضيف الله، أنه وبعد خطاب الفريق البرهان أمام القمة العربية الأفريقية بالرياض قبل يومين، الذي أكد فيه حق الجيش المشروع في دحر التمرد عسكرياً والتزامه في الوقت ذاته بمواصلة مسار التفاوض، بات مرجحاً أن أمد الحرب سيطول أكثر، بكل ما يحمله من أخطار توسع رقعتها وبلوغها درجة النزاع الأهلي الشامل.

توقع الباحث أن تحقق العمليات البرية والهجوم الذي يشنه الجيش على “الدعم السريع” في أم درمان هذه الأيام نجاحاً خلال الأيام القليلة المقبلة، بخاصة مع عمليات الإسناد الجوي والمدفعي وكون أم درمان هي المنطقة الأكبر التي يوجد بها الجيش.

انتشار القتال

وسط أنباء عن تعرض مزارعين داخل مشروع الجزيرة في مكتب (الفراجين) لاعتداء ونهب محاصيلهم بواسطة عربات تتبع لـ”الدعم السريع”، حذرت كليمنتين نكويتا سلامي، المنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في السودان، من أن انتشار القتال إلى ولاية الجزيرة، سلة غذاء السودان، سيؤدي إلى الدفع مزيد من الناس إلى حافة الجوع.

وأشارت إلى أن المدنيين في السودان عانوا لأكثر من سبعة أشهر مضت الصراع العنيف ومأساة إنسانية تزداد قتامة يوماً بعد يوم.

 نوهت المنسقة الأممية، إلى أنه مع استمرار القتال، يحتاج أكثر من 25 مليون نسمة يمثلون نصف سكان السودان إلى المساعدة والحماية، بعد فرار أكثر من ستة ملايين شخص من منازلهم اقتلعت حياتهم وتغيرت إلى الأبد، ونزحوا داخل السودان أو في الدول المجاورة.

أضافت سلامي، “لقد دُمر القطاع الصحي وأكثر من 70 في المئة من المرافق الصحية في مناطق النزاع باتت خارج الخدمة مما يشكل أمراً مقلقاً للغاية، لأسباب ليس أقلها استمرار تفشي الأمراض مثل الكوليرا وحمى الضنك والملاريا والحصبة”.

من جانبها حذرت منظمة اليونيسف، من أن أكثر من ثلاثة ملايين شخص في السودان معرضون لخطر الإصابة بالإسهال المائي الحاد والكوليرا مع ما لا يقل عن 1600 حالة اشتباه و67 حالة وفاة.