Home سياسة ترمب يؤيد بقاء بوتين في المناطق الناطقة بالروسية

ترمب يؤيد بقاء بوتين في المناطق الناطقة بالروسية

21
0

في وقت يتزايد فيه عدد الدول المؤيدة لحظر إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا من بلدان شرق أوروبا، كشف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عما يمكن أن يكون سبيلاً للتوصل إلى تسوية للأزمة الأوكرانية. وقال ترمب في حديث لشبكة NBC إنه “يعتقد أنه من أجل الحفاظ على أوكرانيا، كان ينبغي عليها التسليم في حق روسيا في المناطق التي يقطنها السكان الناطقون بالروسية”. وأشار ترمب إلى أن موقف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وهو أن واشنطن لن تتوقف عن دعم كييف حتى النهاية أياً كانت، “سيؤدي إلى حرب عالمية ثالثة”، وأضاف أنه إذا كان احتفظ بمنصب رئيس الدولة فإن تصعيد الأزمة الأوكرانية لم يكن ليحدث.

وأبدى الرئيس الأميركي السابق إعجابه بكيفية تقييم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لما يطرحه من سبل لحل الأزمة في أوكرانيا.

دعم بايدن سيؤدي إلى “حرب عالمية ثالثة”

وكان فلاديمير بوتين أشار في وقت سابق في الجلسة العامة “للمنتدى الاقتصادي الشرقي” في فلاديفوستوك إلى نوايا ترمب حول حل “المشكلات الحادة، بما في ذلك الأزمة الأوكرانية” في غضون أيام قليلة. وشدد الرئيس الروسي على أنه بغض النظر عمن سينتخب رئيساً للولايات المتحدة، فمن غير المرجح أن تحدث تغييرات جوهرية في الاتجاه الروسي في السياسة الخارجية لواشنطن. وكان ترمب أعلن “أنه يستطيع التوصل إلى حل للأزمة في أوكرانيا خلال 24 ساعة”، أما عن كيفية تحقيق السلام في غضون 24 ساعة كما قال ترمب، فهو ما لم يكشف عن تفاصيله، وإن كان أوجز ذلك، في ما قاله في مقابلة أخرى مع قناة “Just The News” حول إمكان التفاوض على صفقة، “يمكن التخلي بموجبها عن المناطق التي تميل إلى أن تكون روسية، وإذ يتحدث الناس باللغة الروسية، وبما يمكن معه إنقاذ البلاد (أوكرانيا)”.

وكان ترمب أشار في معرض حديثه إلى أن السلطات الأميركية الحالية “تقود الكوكب إلى حرب نووية، في الوقت الذي يملك هو فيه الحل للأزمة الأوكرانية في غضون 24 ساعة”، كما أشرنا.

ومن اللافت في هذا الصدد أن هناك في الأوساط الروسية، ولا سيما بين صفوف النخبة السياسية، من يجد في الرئيس الأميركي السابق الشخصية المناسبة التي يمكنها التوافق مع روسيا، استناداً إلى ما حققه من نجاح على الصعيد الاقتصادي في الداخل الأميركي، وهو المجال الأهم بالنسبة إلى الناخبين الأميركيين. وثمة من خلص إلى “أن دونالد ترمب صوت حقيقي للعقل، ومفكر يحاول التفكير في النخبة الأميركية المنشقة أخيراً”. وذلك في وقت يعتبر الرئيس جو بايدن “أن تزويد كييف بالدبابات مهم لحفظ السلام، على وقع تشدد البنتاغون وإعلانه عما ستزود الولايات المتحدة به أوكرانيا من أسلحة، “حتى يقرر فلاديمير بوتين إنهاء الحرب”. على أن ذلك وبحسب تقدير النخبة السياسية في موسكو، يدفع إلى الجدل والعودة للماضي القريب، والتفتيش في ما فعله ترمب خلال مدة ولايته. وكان ترمب قادراً على ذلك خلال السنوات الأربع التي أقام فيها داخل البيت الأبيض. وكان يستطيع كثيراً، “فكلمة واحدة من البيت الأبيض”، كان من الممكن أن تكون كافية لتنفيذ اتفاقات مينسك التي وقعها زعماء ألمانيا وفرنسا وروسيا وأوكرانيا عامي 2014 و2015. وكانت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل خرجت مع الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند ليقولا مع الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشينكو، إن هذه الاتفاقات لم تكن بهدف التوصل إلى حل للأزمة، بل إنها كانت تستهدف إفساح المدة الزمنية اللازمة لتدريب القوات المسلحة الأوكرانية، وإمدادها بالأسلحة اللازمة لتحرير الأراضي الأوكرانية “التي احتلتها القوات الروسية”، وهي شبه جزيرة القرم وأراضي منطقة الدونباس في جنوب شرقي أوكرانيا – و”مقاطعتا” دونيتسك ولوغانسك، اللتان كانتا أعلنتا انفصالهما من جانب واحد بعد الاستفتاء الذي أجرياه في مايو (أيار) 2014. كما أن دونالد ترمب كثيراً ما أعلن أنه ما من رئيس أميركي فرض عدداً من العقوبات ضد روسيا، بقدر ما فعل هو خلال ولايته. ولذا فثمة من يقول إن ترمب يعد في غضون 24 ساعة فقط، بأن يفعل ما لم يفعله في غضون أربع سنوات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الفساد وإقالة وزير الدفاع

لذا هناك من يتساءل عما تغير، لتكون 24 ساعة فقط كافية لتحقيق ذلك. ويضيف هؤلاء أن كثيرين في بلدان الاتحاد الأوروبي سئموا من دفع فواتير زيلينسكي، في وقت أصيبوا فيه بخيبة الأمل من “فشل” الهجوم المضاد بحسب تقديرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكان زيلينسكي وعد أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة الرفاق والأصدقاء، بذلك الهجوم الذي كان حدد له الربيع الماضي موعداً، وهو ما لم يف به. وها هي بلدان أوروبا الشرقية المجر وبولندا وسلوفاكيا تعلن وقف صادرات الأسلحة إلى أوكرانيا، بعد أن كانت فرضت حظراً مماثلاً على وارداتها من الحبوب حماية لمصالحها ومصالح مزارعيها. وثمة من يقول إن الصراع بات لا نهاية له، وإن كانت هذه البلدان خلصت إلى أنه “لا توجد صراعات لا نهاية لها”. وكانت الانتخابات البرلمانية جاءت أخيراً بحزب روبرت فيتسو “الديمقراطي الاجتماعي” الذي حصل على أغلبية أصوات الناخبين في سلوفاكيا، مما يعني القدرة على الوصول إلى السلطة بالاعتماد على أصوات أولئك الذين “سئموا” من أوكرانيا.

ذلك فضلاً عن سقوط كثير من رموز القيادة الأوكرانية في شرك الفساد، على غرار ما شهدناه أخيراً من إقالات، بينهم وزير الدفاع السابق ألكسي ريزنيكوف، واعتقال الملياردير إيغور كولومويسكي الذي سبق وكان في صدارة من مول الحملة الانتخابية لفلاديمير زيلينسكي. وكانت الألسنة تداولت هذه “الأخبار” في الفترة الماضية، التي تناولت ما تعلق بالأسلحة التي تصل إلى أوكرانيا من الخارج، لتعود وتباع في مختلف أرجاء الشرق الأوسط. ومن هذه الأسلحة ما ظهر أخيراً خلال الأحداث الأخيرة التي شهدتها إسرائيل في غضون الأيام القليلة الماضية في معرض عملية “طوفان الأقصى”.

ويتوقع معلقون ومنهم دميتري دريز المعلق السياسي لصحيفة “كوميرسانت” الروسية، احتدام الصراع في الأوساط القريبة من البيت الأبيض والكونغرس الأميركي حول تقديم المساعدات إلى أوكرانيا. وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أجرى في وقت سابق، محادثات هاتفية مع الحلفاء من مجموعة السبع الكبار، للاتفاق على مواصلة دعم أوكرانيا. ومع ذلك تتخذ مجموعة منفصلة من المؤيدين الجمهوريين لدونالد ترمب موقفاً متناقضاً في شأن هذه القضية، وذلك ما أسفر عن تخلي رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي عن منصبه. ولم يستبعد دميتري دريز، المعلق السياسي لصحيفة “كوميرسانت”، أن يتصاعد الوضع حول “الحزمة الأوكرانية” إلى ما هو أكثر. وكان الرئيس الأميركي وعد بدعم أوكرانيا وتقديم ما يلزم من أسلحة وذخيرة، فضلاً عن دعم البنية التحتية للطاقة في فصل الشتاء. وفي وقت سابق ناشد رئيس الولايات المتحدة الكونغرس، بمن في ذلك الجمهوريون، بدعوته إلى اعتماد وثيقة منفصلة في شأن مساعدة كييف. وفي وقت سابق اجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في العاصمة الأوكرانية في أول حدث من نوعه، لكنهم لم يتمكنوا من الاتفاق على مساعدات عسكرية بقيمة 5 مليارات يورو لعام 2024، وذلك إلى جانب مناقشة قضايا الفساد.

أمران يرتبط كل منهما بالآخر

وقالت “كوميرسانت”: “إن هناك أمرين يرتبط كل منهما بالآخر. فمن المعتقد أنه إذا أحرز تقدم في هذا المجال، فإن دافعي الضرائب في العالم الغربي لن يعترضوا على تقديم المساعدات لأوكرانيا. في الأقل سيحرم المنتقدون من الحجة القائلة إن الأموال ستسرق. ويتعرض مكتب زيلينسكي لضغوط، ومنها تسريب عديد من الوثائق شبه السرية إلى وسائل الإعلام. معناها هو أننا نعمل، ونطالب، ونرسل رسائل غاضبة، ونظهر الصلابة تجاه شركائنا الأوكرانيين، على رغم الوعود والتأكيدات بالدعم الذي لا نهاية له. ويدرك الجميع جيداً أنه من المستحيل التغلب على الفساد في مثل هذا الوقت القصير”.

علاوة على ذلك ظل الغرب يحاول القيام بذلك طوال السنوات الخمس الماضية في الأقل، وبالفعل أُرسل المفتشون إلى البلاد لمعرفة المكان الذي تذهب إليه الأموال، لقد بدأوا في متابعة مختلف المسؤولين، وحتى كبار الشخصيات في كثير من الأحيان.

“ومهما كان الأمر، في تلخيص النتائج الموقتة، يتبين أن ترمب وأنصاره، عن قصد أو عن غير قصد، يساعدون روسيا الاتحادية. من الصعب أن نقول ما سيحدث بعد ذلك. وهل ينبغي اعتبار هذا انتصاراً كبيراً؟ لكن الحقيقة اليوم واضحة لا ريب فيها. فالصراع السياسي في أميركا يتصاعد. وهناك بطبيعة الحال أسباب تجعلنا نعتقد أن هذه الصعوبات سيتغلب عليها أيضاً. لأنه لا توجد مشكلة لا يمكن حلها. لكن الأشخاص العميقين في الدول الغربية، أولئك الذين يفكرون في المقام الأول في أنفسهم، في جيوبهم يطالبون بأخذهم في الاعتبار. وهناك من هو على استعداد لقيادة هذه العملية”، وهذا ما خلصت إليه صحيفة “كوميرسانت” واسعة الانتشار.