Home سياسة اشتباكات وقصف متبادل وسط الخرطوم ومطاردات شرسة جنوب أم درمان

اشتباكات وقصف متبادل وسط الخرطوم ومطاردات شرسة جنوب أم درمان

6
0

تواصلت المعارك العنيفة وتصاعدت وتيرة الاشتباكات والقصف المتبادل بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، لليوم الحادي عشر على التوالي في محيط القيادة العامة للقوات المسلحة، ودوت أصوات الانفجارات مصحوبة بتصاعد سحب الدخان وسط وشرق وجنوب الخرطوم.

ورداً على القصف المدفعي من قبل قوات “الدعم السريع” باتجاه قيادة الجيش المركزية، قصف الطيران المسيّر التابع للجيش مواقع عدة لـ”الدعم السريع” شرق مطار الخرطوم الدولي وفي محيط المدينة الرياضية جنوب العاصمة.

توسع الانتشار

وأفاد مصدر عسكري ميداني بأن قوات من الجيش شنت هجمات بالمدفعية الثقيلة والقناصة على القوات المهاجمة، وتمكنت من التصدي لها وإبعادها عن محيط  مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، الذي يشهد تصعيداً يومياً في هجمات قوات “الدعم السريع” منذ أحد عشر يوماً على التوالي.

وأوضح المصدر أن قوات “الدعم السريع” نقلت ثقل نشاطها العسكري وهجماتها الصاروخية والمدفعية من منطقة سلاحَي المدرعات والذخيرة جنوب الخرطوم، إلى القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم، بهدف إعادة حصار القيادة.

وفي أم درمان استمرت المناوشات والكر والفر في محيط سلاح المهندسين والأحياء المحيطة به في الفتيحاب وأبو سعد المربعات 5، 7، 12، و20، وشهدت منطقة كافوري في بحري اشتباكات عنيفة استولى فيها الجيش على مخازن للذخائر والأسلحة وأسر عدداً من القيادات الميدانية للمتمردين بالمنطقة.

وكشف المصدر ذاته، عن توسيع الجيش لعمليات انتشاره داخل مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم، أم درمان والخرطوم بحري)، وتحقيقه تقدماً على مستوى عمليات المداهمة النوعية والتمشيط البري في منطقة الحزام الساخن بمناطق أم درمان القديمة وعمق وأطراف محلية أم بدة وأبو سعد (جوار سلاح المهندسين)، دمر خلالها المزيد من نقاط تجمع “الدعم السريع”، قصفاً بالطائرات المسيرة، كما تمكن الجيش من التصدي لمحاولة الميليشيات الدخول من الجهة الشرقية إلى مقر سلاح الذخيرة بمنطقة الشجرة العسكرية، إلى جانب التعامل بالمدفعية الموجهة من قاعدة وادي سيدنا العسكرية الجوية، مع مواقع عدة للقوات المعادية شمال ووسط وجنوب غربي مدينة أم درمان.

عمليات نوعية

وأعلن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد نبيل عبدالله، في بيانه اليومي مساء أمس الثلاثاء، حول العمليات العسكرية، “استقرار الأوضاع العملياتية في جميع الفرق والمناطق العسكرية، على رغم محاولات الميليشيات المتمردة لمهاجمتها والنيل منها، لكنها كلها باءت بالفشل الذريع وظلت القوات متمسكة بمواقعها”. وأضاف عبدالله، “نتابع ونرصد بدقة كل نوايا العدو ونؤكد استعدادنا وجاهزيتنا للتعامل مع أي متغيرات يحاول العدو أن يفرضها داخل وخارج العاصمة القومية، ومستمرون في أداء واجبنا المقدس بكل ثبات وثقة في النصر”.

وأكد البيان أن “قوات الجيش ما زالت توجه ضرباتها القوية للعدو في مختلف المواقع ومنها عمليات نوعية تكللت كلها بالنجاح التام”.

أصداء عالمية للوباء

وإزاء الانتشار الوبائي الرأسي لحمى الضنك في ولاية القضارف، وتمددها الأفقي في ولايات أخرى هي الجزيرة، وكسلا، والبحر الأحمر، وجنوب وشمال كردفان، وسنار، أعلنت منظمة الصحة العالمية، عن تفشي وباء الكوليرا وحمى الضنك في شرق السودان، حيث لجأ آلاف الأشخاص هرباً من الحرب.

وذكر بيان للمنظمة أن حوالى 162 حالة يُشتبه بإصابتها بالكوليرا نُقلت إلى مستشفيات ولاية القضارف ومناطق أخرى. وتأكدت إصابة 80 حالة ووفاة 10 أشخاص بسبب الكوليرا.

وسجل البيان أكثر من 500 حالة اشتباه بحمى الضنك (وهي حمى تنجم عن فيروس ينتقل إلى البشر عن طريق لدغة البعوض المصاب) في جميع أنحاء السودان، معظمها في المراكز الحضرية في القضارف، مشيرةً إلى أن الرقم المذكور إنما هو قمة جبل الجليد، لأن العدد الفعلي أعلى بكثير، بالنظر إلى أن معظم المرضى يعتمدون على العلاجات المنزلية.

من جهتها، قالت نقابة الأطباء السودانيين، أن “تفشي المرض بات أزمة صحية، والمئات من مرضى حمى الضنك توفوا شرق البلاد”.

من جانبها، حركت السلطات الصحية السودانية الاتحادية فرقاً من المختصين بمشاركة ودعم من منظمات الصحة العالمية واليونيسف لتعزيز عمليات التشخيص والمعالجة السريرية إلى جانب عمليات مكافحة النواقل، واكبتها حكومة ولاية القضارف والمجتمع المدني هناك.
وأكد نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، “ضرورة دعم النظام الصحي ومساعدته في الاستجابة للظروف والمتغيرات التي فرضتها الحرب، وخصوصاً جهود التعامل مع الوبائيات وتوفير المعينات لمنع انتشار الأوبئة الموسمية وعلى رأسها الملاريا والكوليرا وغيرها من وبائيات فصل الخريف بالبلاد”.

وناقش عقار في اجتماعه مع قيادات وزارة الصحة الاتحادية، خطة الاستجابة للأوضاع الصحية الراهنة، وأهمية وضع الأولويات في هذه المرحلة.

حاجات مليونية

وكشف وزير الصحة المكلف، هيثم إبراهيم، عن تكلفة الحاجات المستعجلة بـ 90 مليون دولار تساهم الدولة بحوالى 30 في المئة، مقدراً خسائر المؤسسات الصحية، جراء انتهاكات ميليشيات “الدعم السريع” وسيطرتها وفقدان المخزون الرئيس من الأدوية والأجهزة والمعدات، بحوالى 500 مليون دولار، وفقدان 70 في المئة من الخدمات التخصصية وأصولها بولاية الخرطوم، وخروج أكثر من 100 مستشفى من الخدمة في ولايات دارفور والخرطوم.

وفي مواجهة الأوضاع الإنسانية الحرجة بالولاية، أقر والي الخرطوم المكلف، أحمد عثمان حمزة، والعاملون بالولاية تكوين فريق عمل من ذوي الخبرة لإعداد رؤية للإسناد المدني لإدارة الأزمات وابتكار وسائل لإدارة شؤون الولاية خلال فترة الحرب بما فيها تعزيز إدارة العون الإنساني لكافة محليات الولاية.

وأكد اجتماع الوالي المكلف بالعاملين بالولاية ضرورة الإحاطة بما يدور في كل محليات الولاية لأن المسؤولية والأوضاع الاستثنائية تتطلب سرعة الاستجابة في ظل ظروف الحرب، وتفعيل حملات محاربة الظواهر السلبية والمهددات الأمنية وضبط الأسواق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تجديد الطوارئ

وتحسباً لتموضع “الدعم السريع” على مشارف شمال الولاية بضواحي محلية الكاملين، كونها منطقة عمليات عسكرية، مدد والي ولاية الجزيرة المكلف، إسماعيل العاقب، حالة الطوارئ المعلنة بالولاية شهراً آخر.

ووجّه قرار الوالي المكلف بأن تظل جميع الأوامر الصادرة بناءً على أمر الطوارئ سارية.

وتستضيف ولاية الجزيرة المتاخمة من جهة الجنوب لولاية الخرطوم مئات آلاف الفارين من الحرب بالخرطوم.

وفي دارفور كشفت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين إن الوضع الإنساني والصحي بالإقليم أصبح بالفعل كارثياً، بخاصة في ولايات غرب ووسط وجنوب وشمال دارفور. وبلغ المواطنون ذروة المعاناة، وباتوا في أمسّ الحاجة لتفعيل آليات الحماية وإيجاد طرق بديلة لإيصال المعونات الإنسانية الغذائية والدوائية.

وأوضح المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، أن “الوضع الإنساني والصحي لآلاف الأسر والمواطنين الذين لجأوا إلى تشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وغيرها، وإلى معسكرات كلمة، والحميدية، ونيرتتي، وزمزم، وأبو شوك، يحتاجون إلى الإغاثة والخدمات الأساسية الطارئة مثل الغذاء والدواء والكساء والمأوى”.
وطالبت المنسقية، المجتمع الدولي ومؤسساته بممارسة مزيد من الضغط على طرفي الصراع للتوصل إلى وقف فوري للقتال لأغراض إنسانية وفتح ممرات آمنة لقوافل المعونات الإنسانية لتجاوز هذه الأوضاع الكارثية.

تداعيات الانهيار

وفي شأن تداعيات انهيار الجنيه السوداني أمام الدولار وتحديد بنك السودان المركزي سقوف التحويل اليومي والشهري للعملاء، بحد أقصى يصل إلى 6 ملايين جنيه سوداني (7500 دولار أميركي بالسوق الموازية) للتعامل اليومي، و100 مليون جنيه سوداني (125 ألف دولار أميركي) في الشهر للأفراد، وللحسابات المميزة 10 ملايين جنيه سوداني (12500) دولار يومياً، و200 مليون (250 ألف دولار) شهرياً للحسابات المميزة، وفقاً لضوابط البنك الجديدة، أوضح أستاذ الاقتصاد، محمد الناير، أن “الخطوة جاءت نتيجة كل الأموال التي نُهبت في الفترة الماضية وتم التعامل بها عبر التطبيقات، والمضاربة بها في شراء الدولار، مما تسبب في تدني سعر صرف العملة الوطنية”.

وأشار الناير إلى أنه “وعلى رغم تأخر القرار، لكنه سيسهم في وقف نزيف العملة الوطنية، لكن كان من الضروري في المقابل تفعيل التحويلات المصرفية وبقية التطبيقات المصرفية الأخرى بما يمكّن المواطنين من التعامل إلكترونياً مع أموالهم المكتسبة بالطرق المشروعة.

واعتبر الناير أن “هناك حاجة إلى أن تعلن الحكومة عدم صلاحية الأوراق الكبيرة من فئتي 1000 و500 جنيه للتداول التجاري وحصر تداولها داخل المصارف فقط، لأن ذلك من شأنه أن يجعل الأموال تتدفق على القطاع المصرفي كما يمكّنه من معرفة مصدر تلك الأموال”.

وأوضح الناير أن “آثار الانخفاض الكبير في سعر صرف العملة، بدأت تظهر بسرعة وبشكل مباشر من خلال زيادة كبيرة في أسعار السلع والخدمات”، مرجحاً أن يكون ذلك “أمراً موقتاً مرتبطاً بظروف الحرب”، بيد أنه يعتقد أنه “كان يجب أن تكون هناك معالجات حكومية للحد من المزيد من تدهور سعر العملة وكبح تصاعد معدلات التضخم، كأن تقوم الشركات الحكومية باستيراد الوقود مثلاً في هذه المرحلة حتى توفر على المستهلك نسبة الأرباح، ما بين 20 إلى 25 في المئة، التي كانت تذهب إلى شركات القطاع الخاص، للحد من زيادة أسعار المحروقات في المرحلة الراهنة، ويمكن أن يعود بعدها الوقود حراً مرة أخرى بعد استقرار الأوضاع وفق النظم السابقة”.

الأكبر والأسوأ

وفي جنوب كردفان شبه المحاصرة التي تشهد توترات واعتداءات من قبل “الدعم السريع” و”الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال” (جناح عبدالعزيز الحلو)، كشف مفوض العون الإنساني بالولاية خميس عبدالله تيه، عن تأثر الوضع الإنساني هناك منذ اندلاع الحرب بإغلاق طريق “الأبيض- الدلنج” و الطريق القومي “كادقلي- الدلنج”، ما أدى إلى تأثر حوالى 17 ألف أسرة من النازحين والعائدين في مناطق عدة على مستوى الولاية، في حاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

من ناحية ثانية، جددت الأمم المتحدة تحذيرها من أن استمرار القتال سيؤدي إلى مزيد من الكوارث والمعاناة للسودانيين والعاملين في المجال الإنساني، معتبرةً أن “عدد النازحين جراء الصراع في السودان بات الأكبر على مستوى العالم في ظروف غاية في السوء، في ظل نسبة استجابة تبلغ 26 في المئة فقط لنداءات المنظمة الدولية لمواجهة الأوضاع بالسودان، من مجمل أكثر من ملياري دولار”.

وبحسب نائبة رئيس البعثة الأممية بالسودان، كيلمنتين سلامي، “فاقمت الحرب بين الجيش والدعم السريع المندلعة منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، تردي الأوضاع الإنسانية في كل المجالات، وطالبت طرفي النزاع بالوقف الفوري وطويل الأمد للأعمال العدائية والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين في كل أرجاء السودان”.