Home سياسة ما سبب ارتفاع أسعار خام دبي/عمان فوق برنت ومربان؟

ما سبب ارتفاع أسعار خام دبي/عمان فوق برنت ومربان؟

119
0

يعد خام برنت المعيار في أسواق النفط العالمية، خاصة الأوروبية والآسيوية. بينما يعد خام غرب تكساس هو المعيار في الأسواق الأميركية. كلاهما خفيف وحلو. الخفيف يكون منخفض اللزوجة ووزنه النوعي مرتفعاً، والثقيل يكون لزجاً ووزنه النوعي منخفضاً. الحلو يكون منخفض الكبريت والحامض ترتفع فيه نسبة الكبريت. 

يعد الخام الخفيف الحلو هو ملك خامات النفط حيث يكون سعره عادة الأعلى في الأسواق. وكلما ثقل وزاد الكبريت فيه، كلما انخفض سعره مقارنة بأنواع النفط الخفيفة. نفط دبي وعمان متوسط حامض، ويستخدمان معاً لتسعير هذا النوع من النفط في آسيا. ولكن سعرهما في بورصة دبي يتحدد بناء على خام برنت على كل الحالات، وعادة يباعان بسعر أقل من برنت. وعادة ما يتم إنتاج الديزل وزيت الوقود ومنتجات أخرى ثقيلة من هذا النفط. 

منذ بداية 2024 شهدت الأسواق ارتفاع أسعار خام دبي/عمان فوق برنت عدة مرات ولكن لفترات وجيزة. ولكن في الأسابيع الأخيرة ارتفع سعره فوق سعر خام برنت بشكل كبير ولفترة أطول، فما السبب؟ 

وسائل الإعلام الغربية وكثير من الخبراء يلومون منتجي “أوبك+” الذي قاموا بتخفيضات طوعية، وكون جزء من هذه التخفيضات خامات متوسطة حامضة. ولكن كما سنرى في هذا المقال، لا علاقة لتخفيضات “أوبك” الطوعية بهذا الارتفاع. 

ويتفق الخبراء على أن أحد الأسباب الأساسية لارتفاع أسعار الخام المتوسط الحامض هو الهجمات الأوكرانية بالمسيرات على المصافي الروسية، والتي نتج عنها انخفاض صادرات الديزل وزيت الوقود إلى آسيا، وكلاهما ينتج من النفط المتوسط الحامض. هذا صحيح، ولكن هناك أموراً أخرى مثل عمليات الصيانة في المصافي وقرار الحكومة الروسية وقف تصدير البنزين وتخفيض صادرات الديزل لمنع ارتفاع الأسعار داخل روسيا. ولكن يرد على ذلك بالقول إنه من غير المعروف ما إذا كانت عمليات الصيانة وقرار منع التصدير سببه ضرب الأوكرانيين للمصافي الروسية. 

وهناك من يقول إن ملء الرئيس الأميركي جو بايدن للمخزون الاستراتيجي بالنفط المتوسط الحامض هو السبب، ولكن يرد على ذلك بأن الكميات كانت صغيرة، نحو 100 ألف برميل يومياً، وهذا تم إيقافه على كل الحالات. 

نظرة فاحصة للبيانات توضح أن السبب الأكبر في ارتفاع أسعار خام دبي وعمان فوق سعر خام برنت هو التشغيل الكامل لمصفاة الزور في الكويت وتشغيل الوحدات التي تم تحديثها في مصفاة الرويس في الإمارات. هذا أدى إلى انخفاض صادرات كلا البلدين من النفط المتوسط الحامض حيث بلغ مجموع التخفيض من البلدين نحو مليون برميل يومياً. طبعاً زادت الكويت من صادرات المنتجات النفطية، ولكن هذا لا يعني التعويض عن انخفاض صادرات الخام لأن من يشتري المنتجات غير الذي يشتري النفط الخام ليكرره. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحويل النفط المتوسط الحامض في الإمارات من الصادرات إلى مصفاة الرويس لم تظهر نتائجه في الأسواق بعد لحداثته، ولكن هناك تطورات تشير إلى زيادة صادرات الإمارات بشكل عام، في وقت قررت فيه شراء النفط العراقي لاستخدامه في المصفاة. ولهذا الأمر انعكاسات عدة منها:

1- زيادة صادرات النفط الإماراتي مستقبلاً لا تعني بالضرورة زيادة الإنتاج لأنهم يشترون النفط العراقي الأثقل والمناسب للمصفاة، بأسعار أقل من خام مربان الإمارتي، الخفيف الحامض، صاحب السعر العالي في السوق.

2- تكرير النفط العراقي في الإمارات يعني منافسة الإمارات في سوق المنتجات النفطية في آسيا بسبب انخفاض تكاليف الشحن من العراق للإمارات من جهة، وبسبب قدرة المصفاة، والتي تكلف تحديثها نحو 3.5 مليارات دولار، على إنتاج مواد نفطية مرتفعة العائد من نفط ثقيل حامض سعره أقل من أسعار النفط الخفيف. 

إذاً السبب الرئيس لارتفاع سعر الخام المتوسط الحامض فوق الخفيف الحلو هو تحويل النفط المتوسط الحامض من الصادرات إلى المصافي في كل من الكويت والإمارات. كما أن انخفاض صادرات روسيا من الديزل وزيت الوقود دعمت هذا التوجه أيضاً. هذا يعني أن تخفيضات “أوبك” الطوعية لا علاقة لها بارتفاع السعر كما ادعت وسائل الإعلام. 

ولكن ماذا لو تم وقف التخفيضات الطوعية وبدأت هذه الدول بزيادة الإنتاج؟ هذا يعتمد في النهاية على نوع النفط الذي ستضيفه السعودية لأن أي إضافات من الإمارات ستكون من خام مربان الخفيف، بينما لن يكون هناك زيادات ملحوظة من الدول الأخرى سوى الجزائر التي ستزيد من إنتاج الخام الخفيف. 

ماذا لو توقفت الضربات الأوكرانية للمصافي الروسية؟ بالطبع سيؤدي هذا إلى زيادة صادرات الديزل وزيت الوقود. 

خلاصة القول إن هذا الارتفاع في أسعار النفط المتوسط الحامض موقت على كل الحالات، ولكنه سيتكرر في المستقبل لفترات وجيزة. كما أن سعره قد ينخفض أيضاً مقارنة بخام برنت بشكل ملحوظ، خاصة في فترات عمليات الصيانة في المصافي المذكورة أعلاه. هذا يعني أن الكويت والإمارات أصبحتا من المؤثرين الكبار في أسعار هذا النوع من النفط بسبب تواجد هذه المصافي الضخمة والمتقدمة فيها.