Home سياسة ميزانية الحرب.. أوروبا في موقف صعب دون «ماما» ميركل

ميزانية الحرب.. أوروبا في موقف صعب دون «ماما» ميركل

107
0


ماراثون مفاوضات في الاتحاد الأوروبي حول خطة الإنفاق الجديدة التي تغطي 7 سنوات، يمر بمحطات رئيسية، هي أوكرانيا وميزانية الحرب.

والحرب مستعرة على عتبة الاتحاد الأوروبي، والاقتصاد في حالة ركود، لكن التكتل مضطر لخوض أكثر المعارك مرارة حتى الآن: حول إنفاق موارده المالية، خاصة في ظل القتال في أوكرانيا والشرق الأوسط، وتزايد المطالبات بوضع الإنفاق على نمط “حالة الحرب”. 

وقال يوهانس هان، المفوض الأوروبي المسؤول عن العملية: ”الميزانية هي سياسة مصاغة بالأرقام“.

وفي الوقت الحالي على الأقل، تهيمن الحرب على تلك السياسة. لكن لا يوجد إجماع كامل بين جميع دول التكتل، حول ما إذا يجب أن ينفق الاتحاد ميزانيته التي تبلغ نحو 2 تريليون دولار لمدة سبع سنوات، على الأمن في المقام الأول. 

ومن المقرر أن يطلق يوهانس هان مدفع البدء في مناقشات الميزانية التي من المحتمل أن تستمر لمدة ثلاث سنوات ونصف، عندما يستضيف مؤتمرًا في بروكسل اليوم الإثنين، بحضور قادة وكبار المسؤولين من جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.

وتشمل الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة من الآن وحتى نهاية عام 2027 ما يلي: كيف سيتم جمع الأموال؟ كم ينبغي أن يكون المبلغ؟ من الذي يجب أن ينفقها، وعلى ماذا؟ هل يجب أن تحصل الحكومات على الأموال دون طرح أسئلة أم بشروط؟

وإذا كان كل ذلك يبدو مرهقًا، فإن المسؤولين أيضًا يتعاملون مع هذه الملحمة بشعور من الخوف، إذ قال أحد كبار الدبلوماسيين في التكتل لمجلة “بولتيكو”: ”دعونا لا نفتح علبة الديدان ونبدأ النقاش بالفعل“.

“تأثير ميركل”

ودائمًا ما تكون الموافقة على الميزانية – أو الإطار المالي متعدد السنوات (MFF) بلغة الاتحاد الأوروبي – صعبة للغاية لأن كل رقم يجب أن توافق عليه جميع الحكومات الـ 27.

ومن المقرر أن تكون المفاوضات، للفترة 2028-2034، أكثر صعوبة من ذي قبل، وفي مفاوضات الميزانية السابقة، بلغت الخلافات ذروتها في قمة ماراثونية للقادة استمرت خمسة أيام بعد أكثر من عامين من الأخذ والرد بين العواصم وممثليها في بروكسل.

وقال أحد الدبلوماسيين لـ”بولتيكو”: ”المشكلة هذه المرة أنه ليس لدينا [أنجيلا] ميركل“، في إشارة إلى المستشارة الألمانية السابقة التي اعتادت التوسط في الصفقات الصعبة بين القادة في بروكسل.

ما كان يمكن للدبلوماسي هو أن الزعيم الأطول خدمة في التكتل الآن، هو فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، الذي جعل من الصعب على الاتحاد الأوروبي الموافقة على إرسال أموال إلى أوكرانيا، بسبب قربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ولكن الأمر لا يقتصر عليه وحده. فالعواصم القوية في التكتل منقسمة بشدة حول ما يجب أن تكون أولوية الإنفاق القصوى: تعزيز صناعة الأسلحة في مواجهة الكرملين الذي يزداد عدائية أكثر من أي وقت مضى، أو زيادة الاستثمارات الخضراء لتحقيق الأهداف المناخية.

فالدول التي ترى نفسها أقل تأثراً بالحرب في أوكرانيا، مثل إسبانيا، تعارض فورة الإنفاق العسكري، وصياغة ميزانية حرب، إذ قال دبلوماسي ثالث ”لا يمكن أن يكون الدفاع هو الأولوية الوحيدة، نحن بحاجة إلى نهج متوازن“.

الاقتراض كحل 

استغرق الأمر جائحة عالمية وركودًا اقتصاديًا كبيرًا في عام 2020 لإقناع ألمانيا وهولندا بكسر المحرمات القديمة المتمثلة في إصدار ديون مشتركة للاتحاد الأوروبي لإنشاء وعاء من المال بمعزل عن الميزانية.

وفي حينه، تم الترويج لهذه الخطوة من قبل المفوضية على أنها خطوة لمرة واحدة لمعالجة أشد ركود في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، لكن العديد من الدول تريد الآن تكرار هذا النموذج لشراء أسلحة لأوكرانيا.

وأيدت دول البلطيق مثل إستونيا – التي كانت حتى وقت قريب ترفض أدنى إشارة إلى الديون المشتركة – الدعوات الفرنسية لإصدار هذه السندات المسماة بسندات اليورو لتعزيز دفاع كييف. ولكن هذه الخطوة تلقى معارضة من قبل نفس الدول التي تعارض الديون، وهي هولندا وألمانيا.

وقال رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، في مارس/آذار الماضي ”نحن ضد [سندات اليورو للدفاع]. . لأنها ستؤدي إلى انتقال السلطة إلى بروكسل”، في إشارة لسيطرة مؤسسات التكتل على حساب سيادة حكومات الدول. 

ووفق بولتيكو، فإن دول الاتحاد الأوروبي ستواجه صعوبات كبيرة في الاتفاق على الميزانية، في ظل الانقسام حول توجيه الإنفاق نحو تعزيز صناعة الدفاع، والأمن، فيما يشبه “ميزانية الحرب”، في ظل التحديات الجيوسياسية، ومنها التهديد الروسي. 

وتقود فرنسا ضغوطا لدفع الاتحاد لتعزيز التعاون الدفاعي، إذ اعتبر وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه الأحد، أن تعزيز التعاون الأوروبي في مجال الدفاع سيكون بمثابة “بوليصة تأمين ثانية على الحياة” إلى جانب حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وفي مقابلة مع صحيفة دي فيلت الألمانية اليومية، دعا سيجورنيه إلى “توحيد أنظمة الأسلحة على المستوى الأوروبي” بشكل أكبر.

وقال إن ذلك لا يعني إقامة “معايير متنافسة” داخل الناتو، بل “تعزيز الركيزة الأوروبية” للحلف العسكري.

وأضاف الوزير أن “تطوير الصناعة الدفاعية الأوروبية لا ينبغي أن يكون بديلا، بل مكملا” لحلف شمال الأطلسي.

وكرّر ستيفان سيجورنيه الرسالة التي وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب ألقاه بجامعة السوربون في باريس الخميس، إذ دعا الرئيس القارة إلى تبني استراتيجية دفاعية “ذات مصداقية” وأقل اعتمادا على الولايات المتحدة.

كما أعلن ماكرون أنه سيطلب من الشركاء الأوروبيين تقديم مقترحات في هذا الصدد في الأشهر المقبلة.

aXA6IDJhMDI6NDc4MDoxOjExMjk6MDozM2VmOmVkOGU6MiA= جزيرة ام اند امز US