Home سياسة مؤتمر باريس حول السودان يدعو المجتمع الدولي إلى التحرك

مؤتمر باريس حول السودان يدعو المجتمع الدولي إلى التحرك

111
0

افتتح الإثنين في باريس مؤتمر دولي حول السودان في الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب التي استحالت “أزمة منسية” ذات عواقب إنسانية كارثية وأخطار جيوسياسية كبيرة، في حين فرضت بريطانيا عقوبات على ثلاث شركات قالت إنها تمول كيانات عسكرية تقف وراء الصراع في السودان ودعت مجدداً إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون “بعد مرور عام على اندلاع القتال ما زلنا نرى فظائع مروعة ترتكب في حق المدنيين وقيوداً غير مقبولة على وصول المساعدات الإنسانية وتجاهلاً تاماً لحياة المدنيين”. وأضاف “يجب محاسبة الشركات التي تدعم الطرفين المتحاربين، والمسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان. يجب ألا ينسى العالم أمر السودان. نحن في حاجة ملحة إلى وضع حد للعنف”.

وقالت بريطانيا إن “بنك الخليج”، وشركة “الفاخر للأعمال المتقدمة”، و”ريد روك” للتعدين، هي كيانات ستخضع لتجميد الأصول مما يحد من حريتها المالية.

وتعهدت بريطانيا الشهر الماضي بتقديم حزمة مساعدات قيمتها 89 مليون جنيه استرليني (111 مليون دولار) للسودان.

كذلك قالت وزارة الخارجية الكندية في بيان إن كندا فرضت اليوم الاثنين عقوبات على ستة أفراد وكيانات في رد فعل على الصراع الدائر في السودان.

وذكرت الوزارة أن العقوبات تستهدف أفراداً وكيانات على صلة بالقوات المسلحة السودانية أو قوات الدعم السريع.

 مؤتمر باريس

أما في العاصمة الفرنسية باريس فصرح وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه “منذ عام، وجد السودانيون أنفسهم ضحايا حرب رهيبة لا تترك إلا الفوضى والمعاناة”. وأضاف “السودانيون هم أيضاً ضحايا النسيان واللامبالاة”.

وتابع “هذا هدف اجتماعاتنا اليوم: كسر جدار الصمت المحيط بهذه الحرب ودفع المجتمع الدولي إلى التحرك”.

منذ افتتاح الاجتماع الذي ترأسه فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، أعلن عن جمع أكثر من 840 مليوناً، قسمت كالتالي: 110 ملايين من باريس، و244 من برلين، و350 من بروكسل، و138 من واشنطن.

مطالبة ألمانية

من جهتها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن “هذا المؤتمر يعقد فيما اهتمام العالم منصب على الوضع في الشرق الأوسط” بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل مساء السبت.

وأشارت بيربوك إلى أن “المجتمع الدولي يجب ألا يصرف نظره عن الحرب في السودان التي تسببت في أزمة إنسانية كارثية”، متحدثة عن “المعاناة التي لا توصف” للسودانيين ضحايا حرب “جنرالين عديمي الرحمة”، وشعورهم بأن العالم تخلى عنهم. وأضافت أن مبادرات الوساطة المتعددة لم تثمر، داعية المجتمع الدولي إلى “العمل بصورة منسقة لجلب الطرفين المتحاربين إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى وقف لإطلاق النار”.

الضغط الدولي

كذلك، رأى مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أنه من خلال “الضغط الدولي” فقط يمكن دفع الطرفين المتحاربين إلى التفاوض.

وقال مفوض الاتحاد الأوروبي المسؤول عن إدارة الأزمات يانيز لينرتشيتش إن هناك حاجة ملحة إلى التحرك مع “انهيار” السودان، متحدثاً عن خطر زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي برمتها مع دفع الحرب عديداً من السودانيين إلى النزوح واللجوء.

وفي الذكرى الخامسة للحريق الذي اجتاح كاتدرائية نوتردام بالعاصمة الفرنسية، قال مدير منظمة إنقاذ الطفولة (سيف ذا تشيلدرن) الخيرية في السودان، عارف نور، “إنه لأمر صادم أن بعد الحريق الذي لم يمت فيه أحد، تحرك المانحون من جميع أنحاء العالم للتعهد بتقديم أموال لترميم نوتردام. وفي الوقت نفسه يترك الأطفال في السودان لمصيرهم مع احتدام الحرب من حولهم، وتزايد المجاعة والمرض، وبقاء جميع الأطفال خارج المدرسة منذ عام”.

وتقول منظمة إنقاذ الطفولة إن 14 مليون طفل يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية من أجل البقاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

السياسي والإنساني

ويتضمن اجتماع باريس شقاً سياسياً على المستوى الوزاري لمحاولة إيجاد مخارج للنزاع، وشقاً إنسانياً هدفه تعبئة التبرعات وتقديم معونة ضخمة لهذا البلد المدمر في القرن الأفريقي. كما يضم اجتماعاً لنحو 40 شخصية من المجتمع المدني.

وتستضيف باريس المؤتمر الدولي من أجل السودان بعد مرور عام بالضبط على بدء الحرب بين الجيش بقيادة الجنرال عبدالفتاح البرهان وقوات “الدعم السريع” بقيادة نائبه السابق الجنرال محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي.

وخلال عام واحد، أدت الحرب في السودان إلى سقوط آلاف القتلى بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في إحدى مدن غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.

كما دفعت الحرب البلاد البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلاً، وتسببت في تشريد أكثر من 8.5 مليون شخص بحسب الأمم المتحدة.

مساعدة اللاجئين

وشددت منظمة “العمل لمكافحة الجوع” (أكسيون كونتر لا فان) غير الحكومية، على الحاجة إلى تحرك “عاجل” في تشاد لتوفير المساعدات إلى اللاجئين الذين يتدفقون عبر الحدود من السودان المجاور.

بدوره، أكد مدير السودان في المجلس النرويجي للاجئين، وليام كارتر، أن “المدنيين يعانون الجوع، والعنف الجنسي الهائل. المجازر العرقية على نطاق واسع، والإعدامات… وعلى رغم ذلك يواصل العالم الإشاحة بنظره”.

وشدد في بيان على أن “اليوم (الذكرى السنوية) يمثل محطة مخزية للطرفين المتحاربين في السودان، إضافة إلى المجتمع الدولي الذي ترك هذه الكارثة تزداد سوءاً”.

ضعف التمويل

وفي حين يحتاج نحو 25 مليون شخص في السودان، أي نحو نصف عدد السكان، إلى المساعدة، حذر رئيس بعثة منظمة “أطباء بلا حدود” جان ستويل في بيان من “فراغ إنساني يثير القلق للغاية”.

وتابع “إضافة إلى الوفيات المرتبطة بأعمال العنف، نرى الأطفال يتوفون جراء سوء التغذية ونقص اللقاحات، ونساء يعانين مضاعفات بعد ولادات خطرة”.

وأوضحت الخارجية الفرنسية أن “تمويل النداء الإنساني للأمم المتحدة في العام الماضي لم يبلغ سوى النصف. هذا العام، لم تتخط نسبة التمويل الخمسة في المئة”، مؤكدة أنها لا تتوقع سد هذا العجز خلال مؤتمر باريس “لكن نأمل في أن يستيقظ المجتمع الدولي”.

وسيسعى مؤتمر “المانحين” في باريس إلى معالجة ضعف تمويل الطوارئ في السودان والدول المجاورة والنقص الذي يبلغ أكثر من 2.5 مليار دولار.

وتعثرت جهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة والسعودية منذ أشهر. وأعرب المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو الخميس الماضي، عن أمله في أن يساعد مؤتمر باريس على استئناف المحادثات.

وعلى المستوى السياسي، من المقرر أن تعقد اجتماعات سياسية تشارك فيها دول الجوار (تشاد، ليبيا، كينيا، جيبوتي، جنوب السودان، مصر، إثيوبيا)، إضافة إلى الخليج (السعودية، الإمارات)، والقوى الغربية (الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، النرويج).

كما ستحضر منظمات إقليمية مثل جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد”، إضافة إلى وكالات للأمم المتحدة.

وحضت مديرة القرن الأفريقي في منظمة “هيومن رايتس ووتش” ليتيسا بدر على صدور “رسالة صارمة” وعقوبات دولية ضد طرفي الحرب اللذين “حالوا دون وصول المساعدات الإنسانية” وقاموا بنهب ما وصل منها، وخططوا لعمليات “قتل العاملين الإنسانيين”، إضافة إلى سلسلة انتهاكات في حق المدنيين.

وشددت على أنه “من الضروري أن يعقد هذا المؤتمر، لكنه لا يجب أن يصبح ذريعة… لنسيان السودان مرة جديدة”.