Home سياسة إيران تقلد إسرائيل في الخطوات قبل إعلان امتلاك الأسلحة النووية

إيران تقلد إسرائيل في الخطوات قبل إعلان امتلاك الأسلحة النووية

133
0

الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على مبنى في دمشق ومقتل 7 من كبار “قوات قدس” التابعة لـ “الحرس الثوري الإيراني”، أثار احتمال تنفيذ هجمات انتقامية من النظام الإيراني ضد مصالح إسرائيل والدخول في مواجهة مباشرة بين البلدين. وفي نفس الوقت رافق جدل اجتياز النظام الإيراني الخطوط الحمراء والتوجه نحو امتلاك أسلحة نووية.

على رغم أنه لا توجد أدلة قطعية تثبت امتلاك إيران قنابل نووية لكن تصديق الرواية الرسمية الإيرانية التي تتحدث عن عدم الرغبة بامتلاك هذا النوع من السلاح صعب للغاية. 

وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي والمسؤول الرسمي عن مراقبة الأنشطة النووية المشكوكة لإيران والاطمئنان من عدم انحرافها صوب أهداف عسكرية، قال أخيراً لقناة “بي بي أس” الأميركية إنه ” لا نستطيع التأكيد على سلمية برنامج إيران النووي. القدرات النووية الإيرانية الحالية ليست كما كانت قبل عشر سنوات. النظام الإيراني رفع من مستوى تخصيب اليورانيوم إلى حد كبير والبرنامج النووي الإيراني أصبح معقداً للغاية. لدينا مفتشون داخل إيران لكن ليس بالمستوى الذي بإمكانه معرفة أهداف هذا البرنامج”.

وقبل أسابيع قال الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال زيارته إلى دبي رداً على تصريحات رئيس مؤسسة الطاقة النووية الإيراني ووزير الخارجية الأسبق علي أكبر صالحي “البرنامج النووي الإيراني ليس واضحاً”.

وكان علي أكبر صالحي قد أدلى بتصريحات بدت وكأنها منسقة مع كبار المسؤولين في النظام رداً على سؤال عن طبيعة النشاط النووي الإيراني قائلاً “نعم توصلنا إلى جميع مجالات التقنية النووية. صناعة سيارة ما تحتاج إلى هيكل وماكينة وسكان… وإذا ما سألتموني هل صنعتم هذه الأشياء فأقول لكم: نعم”.

وقال غروسي مخاطباً المسؤولين الإيرانيين: “أرجو أن تخبروني ماذا تملكون؟” وكان رد طهران هو الصمت.

وقبلها قال كمال خرازي وزير الخارجية الأسبق ورئيس مجلس الشؤون الاستراتيجية والعلاقات الدولية ومستشار مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي في مقابلة تلفزيونية إن “نظام الجمهورية الإسلامية لديه القدرات الفنية لإنتاج أسلحة نووية”. وقد أكد خرازي اجتياز نسبة تخصيب اليورانيوم لتصل إلى ما هو ضروري للاستفادة للأغراض العسكرية، وأكد بشكل غير مباشر أن النظام الإيراني يمتلك القدرات الكاملة لإنتاج أسلحة نووية.

على نهج إسرائيل

ولم تنف طهران هذه التصريحات المنسقة لمسؤوليها. لذلك يمكن أن نعتبر هذه المواقف كجزء من الإجراءات الدعائية للنظام الإيراني للإشارة إلى القدرات العسكرية النووية في إيران من دون تحمل مسؤولية امتلاك مثل هذه القدرات. هذا الأسلوب كانت قد سارت عليه إسرائيل خلال الـ 60 عاماً الماضية، في ما يتعلق بقدراتها النووية وتسير إيران في الوقت الحالي على نفس النهج.

ومن الإجراءات التي تسير عليها إيران لتقليد النهج الإسرائيلي ما ورد في موقع “تابناك” العائد إلى القائد العام الأسبق لـ “الحرس الثوري الإيراني” محسن رضائي، إذ أوصى في افتتاحيته المسؤولين الإيرانيين إلى السير على نفس الأسلوب الإسرائيلي في “الضرب وتبني الصمت” رداً على الهجمات الإسرائيلية.

على رغم أن هذه التوصيات كانت لاستهداف مراكز إدارية وأمنية ومجمعات عسكرية حساسة مثل “هاكيرا” في تل أبيب، لكن هذا الأسلوب يمكن أن يطبق على البرنامج النووي من أجل إنتاج قنبلة نووية. 

فالنظام يرى أن جميع الأسباب التي جعلت العالم يعترف بإسرائيل كقوة نووية في المنطقة تصدق على النظام الإيراني أيضاً.

اختبار انفجار نووي

كان الهدف من تنمية البرنامج النووي الإيراني قبل 30 عاماً هو الوصول إلى قدرات نووية وقد أنفق النظام مئات المليارات من الدولارات بشكل مباشر وغير مباشر ما ترك آثاراً على الاقتصاد الإيراني. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الوقت الحالي وفي ظروف يملك فيها قدرات إنتاج قنبلة نووية، يطرح هذا السؤال: متى يعمل النظام الإيراني على إنتاج الأسلحة النووية؟

الدليل الأول لعدم إنتاج إيران أسلحة نووية في الوقت الراهن هو عدم تنفيذها اختبار انفجار نووي مثلما عملت عليه 8 دول تملك الأسلحة النووية عدا إسرائيل التي لم تقدم على اختبار من هذا النوع.

على رغم أن إنتاج القنبلة النووية لا يحتاج إلى اختبار من خلال إيجاد انفجار نووي، فالاختبارات التقنية بواسطة الحواسيب تعادل الاختبارات الواقعية للانفجار النووي الذي عملت عليه 8 دول بشكل ناجح.

لم تقم إسرائيل التي يقال إنها تملك بين 80 إلى 200 رأس نووي على أي اختبار من خلال إيجاد الانفجار.

نموذج جنوب أفريقيا

وكانت جنوب أفريقيا خلال حكم الأقلية من العرق الأبيض (أبارتهايد) في مطلع عام 1980 قد توصلت إلى التقنية النووية، وقد أعلن رئيس وزرائها آنذاك بي. دبليو. بوتا في 4 مايو (أيار) 1981 أن بلاده تملك ذخائر نووية قليلة تستخدمها كـ “سلاح سياسي” كأداة ضغط في التعاملات الدولية. 

لكن جنوب أفريقيا رغم تجهيز مكانين للاختبار النووي في صحراء “كالاهاري” في عامي 1976 و1977 بعمق 385 و216 متراً تحت الأرض لم تقدم على الاختبار النووي بسبب الملاحظات السياسية والتكاليف الباهظة للحظر الدولي وكان البلد يمتلك قبل إزالة نظام الفصل العنصري 6 قنابل نووية وقنبلة قيد الإنتاج.

لذلك لا يعتبر الاختبار النووي شرطاً في امتلاك القنبلة النووية وأن النظام الإيراني إذا ما توفرت لديه جميع متطلبات إنتاج القنبلة النووية ومعرفة إنتاجها فنياً، فإنه بإمكانه القيام بإنتاج أسلحة نووية.

البلوتونيوم المخصب يعد المادة الأساسية لإنتاج قنبلة نووية لأغراض عسكرية، وقد ذكر آخر تقييم للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن ذخائر اليورانيوم المخصب في إيران تكفي لإنتاج 12 قنبلة نووية يصل وزن كل منها 16 كيلو غراماً.

إنتاج خمس قنابل نووية

بناء على تقييم الوكالة الدولية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، فإن النظام الإيراني قادر على رفع مستوى التخصيب للاستخدام العسكري خلال أسبوع. ويمكن القول إن النظام الإيراني قد جهز ما يكفي لإنتاج خمس قنابل نووية، وأنه سينتج المادة الضرورية لإنتاج 12 قنبلة خلال شهر مايو المقبل.

الهدف الأساسي لمشروع كان يعمل عليه العالم النووي محسن فخري زاده – الذي قتل في ضربة إسرائيلية – كان الوصول إلى إنتاج خمس قنابل نووية والنظام الإيراني قد اجتاز هذه المرحلة من ناحية إنتاج المادة اللازمة لإنتاج القنابل النووية.

خلافاً لجنوب أفريقيا التي كانت غير قلقة من استهداف قنابلها النووية ما أدى إلى تخزينها بمستودع في بريتوريا، فإن النظام الإيراني في حال إنتاج قنابل نووية سيعمل على تخزينها في أماكن متفرقة خشية عمل تخريبي.

صمت إسرائيل وأميركا

السؤال الآخر الذي يطرح بهذا الشأن هو أسباب صمت إسرائيل وأميركا في حين كانت الإدارات السابقة خلال حكم باراك أوباما ودونالد ترمب، وكذلك في الوقت الراهن خلال عهد جو بايدن أكدت عدم سماحها لإيران بإنتاج قنبلة نووية.

إذا ما حدث وصول إيران إلى إنتاج قنبلة نووية خلال إدارة بايدن، فإنه سيتعرض لضغوطات من أجل مواجهة النظام الإيراني، في حين أن النظام الإيراني قد اجتاز الخطوط الحمراء وأميركا لا تستطيع إعادة إيران إلى ما قبل مرحلة إنتاج القنبلة النووية، خاصة في وقت تشهد فيها واشنطن حراكاً انتخابياً لانتخاب الرئيس القادم للولايات المتحدة.

كما أن حكومة بنيامين نتنياهو في إسرائيل ترى أن الوضع غير مناسب لإعلان إيران كقوة نووية ما يعني فشلها في اتباع نظرية رئيس وزراء إسرائيل الأسبق مناحيم بيغن القاضية باستهداف إسرائيل أي محاولة من أعدائها للوصول إلى قنبلة نووية، وكذلك تزامنها مع الفشل الاستخباراتي الذي أدى إلى هجوم 7 أكتوبر.

وكان بيغن قد أعلن عام 1981، في مقابلة مع قناة “سي بي أس” الأميركية، بعد استهداف منشأة “أوزيراك” العراقية قرب بغداد أن “هذا الهجوم سيكون مثالاً لجميع الحكومات القادمة في إسرائيل… جميع رؤساء الوزراء القادمين في إسرائيل سوف يسيرون على نفس النهج في ظروف مشابهة”.

وكانت إسرائيل قد قامت بأعمال تخريبية كثيرة من أجل إيجاد تأخير في برنامج إيران النووي لكن طهران تلقت الدروس من جميع هذه الإجراءات واستمرت ببرنامجها النووي.

جدير بالذكر أن إنتاج قنبلة نووية لا يختصر على تخصيب اليورانيوم بنسبة تستخدم لأغراض نووية، بل يجب تبديل هذه المواد إلى جسم فولاذي وقد وصلت إيران إلى هذه التقنية في أصفهان منذ سنوات سابقة. 

كما يجب أن تحدث سلسة عمليات قبل إنتاج القنبلة النووية، ومنها إيجاد انفجار قوي من خلال زناد نووي وإطلاق مادة النيوترون إلى المادة الصلبة، وقد اختبرت إيران هذه المراحل وكانت هذه الاختبارات موضوع مفاوضات خاضتها الوكالة لدولية للطاقة الذرية مع إيران العام الماضي ولم تصل إلى نتيجة.

كما أن إنتاج القنبلة النووية بحاجة إلى مهارات فنية وقد توصلت إليها أميركا قبل 80 عاماً، ومنذ تلك الفترة فصاعداً تحولت هذه المهارات الفنية إلى معلومات عامة وعلى أساسها توصلت 8 إلى 10 دول منها باكستان وكوريا الشمالية إلى إمكانية إنتاج قنابل نووية.

تعود الدراسات والأنشطة النووية الإيرانية إلى قبل 50 عاماً، وقد لجأت إيران خلال الـ30 سنة الماضية إلى متخصصين كثيرين، ولا شك أنها تملك المعلومات اللازمة لإنتاج القنبلة النووية. لكن إذا ما استطاعت إيران إنتاج قنبلة نووية فهل تلجأ إلى استخدامها؟

الرد سيكون “لا” قطعاً. ستكون مصلحة إيران من الوصول إلى إمكان إنتاج قنبلة نووية وإعلان الوصول إليها لا يتعدى ما سار عليه بي. دبليو. بوتا رئيس وزراء جنوب أفريقيا السابق لاستخدام هذا الامتياز من أجل امتلاك “أداة للقوة من أجل كسب تنازلات في التعاملات الإقليمية”. لكن النظام السياسي في جنوب أفريقيا تغير بعد قيامه بإنتاج قنابل نووية ونزع النظام الذي أتى بعده إلى الحكم، الرؤوس النووية من الصواريخ.

نقلاً عن “اندبندنت فارسية”