Home سياسة فتحي سرور… رحيل “عقل” نظام مبارك التشريعي والقانوني

فتحي سرور… رحيل “عقل” نظام مبارك التشريعي والقانوني

109
0

غيب الموت في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت الدكتور أحمد فتحي سرور، آخر رئيس للبرلمان المصري في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، وأحد أبرز رموز نظامه ورجاله المقربين، عن عمر ناهز 92 سنة.

وأعلن نجله، طارق سرور، عبر منصات التواصل الاجتماعي، وفاة والده، وكتب “اليوم ليلة الـ27 من شهر رمضان استرد الله وديعته”. وتابع “رحل رمز من رموز القانون بتاريخ قضائي وقانوني ودبلوماسي وتنفيذي وبرلماني ومهني مشرف داخلياً ودولياً، وداعاً أبي الأب الحنون والمعلم والقدوة الحسنة”.

وبحسب وسائل إعلام محلية، كان سرور الذي ظل ينتخب لرئاسة مجلس الشعب نحو 20 عاماً (منذ 1990)، حتى أطاحته ثورة الـ25 من يناير (كانون الثاني) 2011، وأودع السجن بتهمة قتل المتظاهرين، قبل تبرئته لاحقاً، نقل إلى المستشفى إثر تعرضه لحال من لإرهاق أثناء وجوده في محكمة النقض، منذ فترة، وأدى إرهاقه إلى إجراء فحوصات طبية شهرياً، وتطلب أن يكون تحت الملاحظة داخل العناية المركزة.

مسيرة قانونية “طويلة وزاخرة”

على مدى عقود حكم الرئيس المصري الراحل حسني مبارك (1981/2011)، برز سرور المولود في يوليو (تموز) 1932، في محافظة قنا بصعيد مصر، كأحد أبرز رجال القانون والتشريع في البلاد، مما مكنه من تولي رئاسة مجلس الشعب عام 1991، وظل محتفظاً بهذا المنصب لنحو 21 عاماً، فضلاً عن توليه عدداً من المناصب التنفيذية والحزبية ومن أبرزها حقيبة وزارة التربية والتعليم بين عامي 1986 و1993 في حكومة عاطف صدقي، وشغله منصب عضو المكتب السياسي لـ”الحزب الوطني” الحاكم سابقاً.

وبدأ سرور حياته المهنية في النيابة العامة بعد حصوله على الإجازة في الحقوق 1953 وعلى الدكتوراه عام 1959، ثم التحق بجامعة “ميتشيغان” في الولايات المتحدة ليحصل على ماجستير في القانون المقارن.

وبعد التحاقه بالنيابة العامة، عمل في السلك الدبلوماسي المصري بين 1964 و1978، ثم انتقل إلى التدريس في جامعة القاهرة حيث انتخب عميداً لكلية الحقوق عام 1983 ثم نائباً لرئيس الجامعة في 1985، قبل أن يتولى حقيبة وزارة التعليم في حكومة عاطف صدقي عام 1986.

ومن دائرته الانتخابية الشهيرة “السيدة زينب” بمصر القديمة، ظل سرور الذي انتخب عضواً بمجلس الشعب (البرلمان) للمرة الأولى عام 1987، ينتخب في كل الدورات النيابية التالية، لا سيما بعدما أصبح رئيساً للبرلمان في 1990، خلفاً لرفعت المحجوب الذي اغتيل اغتياله أكتوبر (تشرين الأول)، أي خلال العام ذاته الذي نال فيه سرور عضوية المكتب السياسي للحزب الوطني.

ومن خلال رئاسته مجلس الشعب المصري ترأس سرور الذي ألف كثيراً من الكتب (نحو 30 مؤلفاً باللغة العربية وسبعة باللغة الإنجليزية و11 باللغة الفرنسية) عدداً من البرلمانات مثل اتحاد البرلمانات الأفريقية واتحاد البرلمانات العربية، والاتحاد البرلماني للدول الإسلامية، ليكون بذلك أحد أبرز الأوجه النيابية في مصر والمنطقة، وأشهر من تولوا منصب رئيس البرلمان في تاريخ مصر الحديث.

وعلى مدى سنين توليه رئاسة البرلمان المصري ودخوله في أعلى دوائر الحزب الحاكم السياسية، اعتبره خصومه، “الظهير التشريعي للنظام” في ذلك الوقت بعدما أصبح واحداً من رموز السلطة وأبرز المدافعين عن قراراتها وتوجهاتها وسياساتها، وذلك بعد أن شهد عهده إقرار وتعديل حزم من القوانين والمراسيم، أثارت استياء شعبياً واسعاً ومن بينها “الموافقة على تصدير الغاز لإسرائيل” وتمديد قانون الطوارئ بصورة مستمرة وتعديل مواد الحكم في الدستور مما منع وجود “تعددية سياسية وتداول للسلطة”، فضلاً عن إلغاء البرلمان في عهده المادة 88 المتعلقة بالإشراف القضائي على الانتخابات، مما وصفه سرور حينها بأنه “يتفق مع المعايير الانتخابية الدولية”.

إضافة إلى ذلك، كانت من بين أبرز الجمل التي أخذت عنه تعبير “المجلس سيد قراره”، في مواجهة الدعاوى التي طاولت الانتخابات النيابية بـ”التزوير” عامي 2005 و2010، قبل أن يغير سرور حدة نبرته خلال الأيام الأخيرة من حكم الرئيس مبارك، معلناً “عدم القبول بوجود أي نائب في البرلمان وصل إليه عن طريق التزوير”، في وقت رأى كثر أن “التزوير الواسع” الذي طاول برلمان 2010 كان أحد الأسباب التي “عجلت بسقوط نظام مبارك”.

من الحكم إلى “قفص الاتهام”

ومثل معظم رموز نظام حكم الرئيس الراحل حسني مبارك، لم يكُن أحمد فتحي سرور، استثناء عن أولئك الذين دفعتهم “ثورة يناير 2011” إلى قفص الاتهام، قبل أن يبرأ منها لاحقاً.

ففي أبريل (نيسان) 2011، أمرت النيابة العامة المصرية بحبس فتحي سرور احتياطياً لاتهامه بالتحريض على قتل المتظاهرين في ميدان التحرير، وهي القضية التي عرفت إعلامياً بـ”موقعة الجمل”، فضلاً عن اتهامه بـ”الكسب غير المشروع”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب ما جاء في قضية “موقعة الجمل”، اتهمت جهات التحقيق سرور وآخرين، بـ”الاتفاق على إرهاب وإيذاء المتظاهرين عبر تكوين عصابات إجرامية مسلحة بأسلحة نارية آلية وبيضاء اقتحموا ميدان التحرير مستخدمين الجمال والخيول والبغال”، وهي الحادثة الشهيرة التي صورتها عدسات الكاميرات في ميدان التحرير في الثاني من فبرير (شباط) 2011، أي قبل تسعة أيام من سقوط نظام مبارك.

وبعد أشهر من التحقيقات، جاء الحكم ببراءة سرور من قضية “موقعة الجمل” في أكتوبر 2012، إذ أصدرت محكمة الجنايات حكماً ببراءة جميع المتهمين في القضية، وخلال الشهر ذاته صدر قرار نهائي من محكمة الجنايات بتأييد قرار إخلاء سبيل سرور في قضية الكسب غير المشروع والذي كان قد صدر في مايو (أيار) 2012.

بعد إطلاق صراحه، حفظت القضايا محل التحقيقات السابقة مع فتحي سرور في قضيتي “موقعة الجمل والكسب غير المشروع”، وانتهت الإجراءات القضائية المُصاحبة برفع التحفظ عن أمواله وأموال أسرته، وكذلك رفع قرار منعه من السفر.

وبعد خروجه من السجن، آثر سرور التواري عن المشهد، قبل أن يعاود الظهور مرة أخرى بداية من عام 2017 خلال بعض المناسبات الخاصة، وصولاً إلى العودة لقاعات المحاكم وثوب المحاماة. وخلال الأعوام الثلاثة الأخيرة كان الظهور الأبرز للقانوني المخضرم بعدما اختاره مجلس أمناء مركز كيمت للتحكيم الدولي وتسوية منازعات الاستثمار في مصر والوطن العربي، رئيساً له عام 2021.

وفي يونيو (حزيران) 2022، كان آخر ظهور لسرور داخل قاعات المحاكم، عندما حضر إلى محكمة جنوب الجيزة مدافعاً عن قضية عقار فيصل (أحد أحياء الجيزة) المخالف على الطريق الدائري الذي اشتعل به حريق هائل، وأصبحت “قضية رأي عام” فترافع فيها سرور لمدة 10 دقائق.