Home سياسة خدعة المناطق الآمنة.. كيف استخدمت إسرائيل الجغرافيا لتصفية نازحي غزة؟

خدعة المناطق الآمنة.. كيف استخدمت إسرائيل الجغرافيا لتصفية نازحي غزة؟

17
0

كتبت- سلمى سمير:

استطاعت إس*رائي*ل منذ بداية حربها على قطاع غ*ز*ة في الـ7 من أكتوبر، أن ترسم لنفسها نهجًا مختلفًا وأكثر وحشية في هجماتها العسكرية على مختلف أنحاء القطاع، مع اقتصار حملاتها السابقة على شن غارات متلاحقة لعدة أيام ثم الانتهاء.

لكن الحال لم يكن كذلك هذه المرة مع البدء بسلسلة غارات عنيفة ارتقى على إثرها مئات الشهداء يوميًا، تلاها اقتحام بري للقطاع بذريعة ملاحقة عناصر المقاومة ا*لفلس*طينية، واكب ذلك تحذيرات مسبقة زعمها الاحتلال من أجل حماية المدنيين يُلقي فيها طيرانه منشورات على الأهالي لترك منازلهم وتوجيههم إلى مناطق يُعتقد أنها آمنة.

ومع ذلك لم تف إس*رائي*ل بوعودها بحماية المدنيين في الحرب وهو شعار تغنى به الاحتلال مرات عدة، وذلك حسب تحقيق استقصائي لمؤسسة “فورينسك آركيتكتشر” البريطانية، كشف فيه عن استخدام إس*رائي*ل للجغرافيا من أجل تضليل أهالي قطاع غ*ز*ة واستهدافهم في رحلتهم إلى مناطق آمنة تزعمها إس*رائي*ل.

المرحلة الأولى

بدأت المرحلة الأولى في استخدام إس*رائي*ل لذلك النهج في الـ13 من أكتوبر الماضي، بإصدار الجيش الإ*سر*ائي*لي تعليمات لجميع سكان شمال قطاع غ*ز*ة بالتوجه إلى وادي غ*ز*ة بصفته “منطقة آمنة” تاركًا لـ1.1 مليون فلسطيني 24 ساعة فقط لإخلاء منازلهم حسب المؤسسة البريطانية.

لم تترك إس*رائي*ل لنفسها متسعًا من الوقت حتى يستوعب الناس تناقضها مع نفسها، ففي ذات اليوم الذي طلبت من الأهالي سلوك شارع صلاح الدين كممر آمن، قصف طيران الاحتلال بشكل متكرر قوافل المدنيين في رحلة بحثهم عن النجاة داخل الشارع مما أدى لاستشهاد 70 فل*سط*ين*يًا كان بينهم أطفالًا ونساء.

وإضافة لقصف قوافل النازحين نصبت قوات الاحتلال كمائن عسكرية للمدنيين تحديدًا في الطريق الرابط بين شارع صلاح الدين ووادي غ*ز*ة، ونشرت قناصة استهدفت عدد من النازحين خلال طريقهم أكمل عليها تنفيذ عمليات إعدام ميداني بحق المدنيين، وذلك حسب شهود العيان الذين عبروا خلال الممر، ووثقت إحدى الفيديوهات قناصة الاحتلال وهي تستهدف امرأة عجوز أثناء سيرها مع حفيدها في قوافل النازحين.

@skynewsarabia

استهداف قوافل النازحين في #غ*ز*ة.. عشرات الق*ت*لى واتهامات متبادلة “الخارجية ا*لفلس*طينية اتهمت اس*رائ*يل باستهداف النازحين المدنيين.. و خبراء عسكريون غربيون يشيرون إلى أن التفجير لم ينجم عن قصف صاروخي” #شاهد_سكاي

♬ original sound – SkyNewsArabia

وحسب تقارير الأمم المتحدة التي صدرت حينها فإن منطقة وادي غ*ز*ة والمناطق المحيطة بها كانت بمعزل تام عن مفهوم الأمان، مع كشف التقارير الأممية عن تسبب القصف الإ*سر*ائي*لي في دمار هائل بمناطق متفرقة في جميع أنحاء قطاع غ*ز*ة بما في ذلك منطقة وادي غ*ز*ة.

خلال تلك المرة لجأت قوات الاحتلال لتقسيم قطاع غ*ز*ة شمالًا وجنوبًا من خلال إقامة طريق عسكري خاص من شرق القطاع إلى غربه، وترسيم حدود مؤقتة جديدة على بعد 3 كيلومترات شمال وادي غ*ز*ة، حسب المؤسسة البريطانية.

ار*ها*ب الجغرافيا

بعد انتهاء وقف إطلاق النار المؤقت الذي عُقد في نهاية نوفمبر الماضي، بدأ الجيش الإ*سر*ائي*لي مباشرة تقسيم قطاع غ*ز*ة إلى 623 منطقة مرقمة تخضع كل واحدة فيها لجميع تعليماته، وهي المرحلة التي عمدت فيها إس*رائي*ل إلى الدفع بسكان شمال قطاع غ*ز*ة إلى الجنوب من خلال عمليات تهجير مخططة ما أدى لتقليص عدد سكان الشمال بشكل واضح حتى هجرت 67% من سكان الشمال وهو ما أرادته إس*رائي*ل منذ بداية الحرب.

شرعت إس*رائي*ل خلال تلك المرحلة توسيع عمليات استهداف المدنيين خلال الممرات المزعومة وعمليات الإخلاء، مع توجيه القوات الإ*سر*ائي*لية للسكان إلى المناطق التي تشهد هجومًا عنيفًا أو على وشك التعرض له.

وفي ظل ممارستها عمليات التهجير القسري بحق المدنيين زاعمة تحذيرها المسبق للمدنيين بإخلاء منازلهم من خلال إلقاء المنشورات التحذيرية، أصدرت إس*رائي*ل منشورات الإخلاء بشكل غير متكافئ سواء من خلال الإنترنت خلال أوقات انقطاع الاتصال أو باعتمادها على الإسقاط من الجو وهو ما لم يصل في أوقات كثيرة إلى المدنيين جراء إلقاءها في أوقات انقطاع التيار الكهربائي وهو ما أعاق الوصول إليها.

جاءت أوامر الإخلاء عشوائية ومفتقرة للدقة في غالب الأوقات مع توجيه الاحتلال المدنيين إلى المناطق التي كانت تتعرض للقصف أو لهجوم بري مكثف، وهو ما حدث في الـ3 من ديسمبر عند تحديد قوات الاحتلال منطقة الفاخورة شمال قطاع غ*ز*ة “آمنة” وذلك بعد يوم واحد من إعلانها منطقة عسكرية.

أوقعت هذه العشوائية في إصدار التحذيرات الفلسطينيين في حالة من الربكة، مع عدم تأكدهم من المناطق الآمنة بشكل واضح، وذلك من خلال تعارض تعليمات الاحتلال بشأن مناطق الإخلاء مع شكل شبكة الإخلاء، ودفع البعض لطرح تساؤلات عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن مدى أمان بعض المناطق منها والذين تركوا دون رد.

تكررت حادثة الفاخورة في حي الزيتون شمالي القطاع، عندما أصدر الاحتلال أوامره للسكان 20 فبراير بإخلائه والتوجه إلى حي المواصي، لينهال عليهم بعد ساعات قليلة بهجوم عنيف أخلف عددًا من الشهداء والجرحى، وهي المرحلة التي سماها تحقيق المؤسسة “تسليح المناطق الآمنة” والتي بدأت فيها إس*رائي*ل غزو منطقة المواصي في الـ22 من يناير، والتي شكلت ذروة التهجير القسري الممنهج للفلسطينيين داخل قطاع غ*ز*ة والتي تزايدت بعدها هجمات الاحتلال على المناطق الآمنة بما فيها مدينة رفح.

صورة 3

عسكرة المناطق الآمنة

جاء استهداف المواصي إيذانًا ببدء المرحلة الثالثة والتي قامت خلالها قوات الاحتلال بطرد الفلسطينيين من المناطق الآمنة التي أعلنها سابقًا، وتهجيرهم من آخر بقاع المناطق الآمنة وهو المصير التي تواجهه مدينة رفح جنوبي قطاع غ*ز*ة والتي تأوي مليون ونصف نازح، ولا ينفك رئيس الوزراء الإ*سر*ائي*لي عن التهديد باجتياحها بريًا بذريعة ملاحقة عناصر المقاومة الإسلامية متحديًا بذلك التحذيرات الأمريكية من تبعات تلك الخطوة وخطورتها على المدنيين.

صورة 4

في الـ29 من يناير، هاجم جيش الاحتلال الإ*سر*ائي*لي جامعة الأقصى في منطقة المواصي التي يفترض أنها منطقة آمنة، ودمر جميع سبل العيش التي استند إليها النازحون داخل الحرم الجامعي.

ومع استمرار الاحتلال في تنفيذ خطته لعسكرة آخر المحطات داخل القطاع تتبقى مدينة رفح الموضوعة ضمن الأجندة الإ*سر*ائي*لية لاجتياحها بريًا، والتي رغم ذلك لم تسلم من الهجمات الإ*سر*ائي*لية المتكررة بشكل يومي والتي يرتقي على إثرها عشرات المدنيين والمصابين، كما سبق وتعرضت خيام النازحين لحزام ناري في وقت سابق ارتقى على إثره عدد من الشهداء.