Home سياسة رسائل إسرائيلية للأسرى عبر أجهزة الراديو داخل أنفاق غزة

رسائل إسرائيلية للأسرى عبر أجهزة الراديو داخل أنفاق غزة

4
0

أمام فتحة نفق تابع لحركة “حماس” في شمال قطاع غزة، وقف جنود الجيش الإسرائيلي يتفقدون المنطقة وبعد فحصها والتأكد من تحييدها، نزلت القوات إلى السرداب تحت الأرض لتنفيذ مهمة معقدة وغريبة.

حملت القوات الإسرائيلية ما يلزم من معدات لم يكن بينها أي متفجرات، بل جهاز راديو قديم جداً من نوع الترانزستور ويعمل بواسطة قرص ومؤشر، وينقل الموجة معدلة السعة “AM”، والتي يصل مداها إلى مسافات طويلة جداً.

تضخيم الموجات

ركب الجنود جهاز الراديو القديم في النفق أسفل الأرض، وأعطوا إشارة إلى فرق هندسية تعمل في وزارة الاتصالات الإسرائيلية، وبدورها قامت بتضخيم موجات الإذاعات التي تبث من تل أبيب.

عندها سمعت القوات التي ما زالت تحت الأرض بث الإذاعات العبرية، ولضمان أن التردد يصل إلى أي نقطة مهما كان عمقها أو بعدها عن تل أبيب، اضطر الجنود إلى النزول في عمق النفق حتى 12 متراً.

تعتقد إسرائيل أن النفق المكتشف في شمال غزة، يعد من أكبر وأعمق الأنفاق في قطاع غزة، إذ يبلغ طوله كيلومترات عدة، فيما يصل عمقه إلى 12 متراً تحت الأرض. وبحسب وجهة نظر الجيش فهذا أقصى عمق يمكن أن تصل إليه شبكة سراديب “حماس” المشيدة في باطن الأرض.

بارقة أمل

في ذلك العمق، تمكن الجنود من الاستماع إلى الإذاعات التي تبث من داخل إسرائيل بوضوح، وحينها استبشروا خيراً، ونقلوا تجربتهم إلى وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو قارعي، لكن لماذا أقدمت القوات على هذه التجربة الغريبة؟

تحاول إسرائيل من هذا الاختبار الاتصال برهائنها الذين تحتجزهم حركة “حماس” في أنفاق تحت أرض قطاع غزة، وتعتقد أن موجات الراديو تمثل بارقة أمل في توصيل رسائل لأكثر من 132 رهينة تحاول تحريرهم إما بالتفاوض مع الفصائل الفلسطينية أو من خلال العمليات العسكرية.

وبعد نجاح التجربة التي ابتكرها وزير الاتصالات الإسرائيلي، بدأ الجيش في إعداد رسائل لرفع الروح المعنوية للرهائن والعمل على طمأنتهم، وكذلك طلب من أهاليهم تسجيل حلقات لأجل بثها للمحتجزين.

الرهائن يستمعون للراديو

تؤكد إسرائيل أن “حماس” تسمح للرهائن في استخدام أجهزة الراديو والاستماع إلى أي موجة يفضلونها من دون إجبارهم على إذاعة معينة، واستنبطت ذلك من شهادات استمع لها الجيش طيلة سبعة أيام، لرهائن أفرجت عنهم الحركة في الهدنة الإنسانية التي انتهت في الأول من ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي.

تقول الرهينة السابقة نيلي مارغاليت “سمح لنا باستخدام أجهزة الراديو بحرية مطلقة، وبعض الأحيان كنا نشاهد محطات التلفزيون، ومن خلال هذه الوسائل البدائية عرفت عن عمل القوات داخل غزة”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتضيف “من خلال بث الراديو أثناء فترة الاحتجاز، عرفت أن عناصر حماس قتلوا شخصين من عائلتي في هجومهم على بلدات غلاف غزة، لقد كانت موجات الإذاعات العبرية الوسيلة الوحيدة للبقاء على اتصال مع محيط بلادنا”.

وتوضح أنها استمعت لمقابلة زوجها بعد هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي عبر موجات الراديو، وحينها اطمأن قلبها عليه، وكشفت كيف كانت تتابع الأخبار خصوصاً تطورات محادثات الهدنة الإنسانية واتفاقية صفقة التبادل.

موجات لا يمكن تتبعها

تجربة نيلي دفعت وزارة الاتصالات الإسرائيلية إلى تعميق الفكرة، وعملت على تضخيم موجات الإذاعات العبرية، وكذلك تخصيص موجة تبثها إذاعة الجيش كل يوم وتنقل رسائل للرهائن.

يقول الوزير شلومو قارعي “اخترنا موجات الراديو AM لأنها تصل إلى مديات طويلة وبعيدة من دون تشويش ويمكنها اختراق الأنفاق التي تديرها حماس بسهولة، وهذا يعني أن هذا النطاق الواسع سيجعل التحديثات الطارئة تصل بسهولة لهؤلاء الرهائن”.

ويضيف “كما أن الجنود سيحملون معهم أجهزة راديو بدلاً من هواتفهم المحمولة التي يسلمونها قبل دخولهم غزة خشية من تحديد أماكنهم، وبهذا سيبقون على اطلاع دائم حول ما يجري في إسرائيل”.

ويؤكد قارعي أن “للرسائل التي سيبثها الجيش وتخاطب الرهائن قيمة كبيرة من حيث الروح المعنوية للمحتجزين ولأقاربهم أيضاً، الذين أصبحوا يشعرون أن ذويهم في الاحتجاز يستمعون إليهم، وهذا كله بفضل الجهاز القديم”.

ويوضح قارعي أن إسرائيل تعمدت اختيار أجهزة الراديو الترانزستور ذات الموجات الواسعة حتى توصل رسالة للخاطفين بأننا لا نهدف إلى تتبعهم، فهذه الترددات يصعب تتبعها أو اكتشاف الأجهزة التي تلتقطها.

ويشير إلى أن موجات AM تبث في اتجاه واحد ولا تعود، أي بمعنى أن الذبذبات التي تخرج من الإذاعات في اتجاه واحد فقط، وهذا يجعل اكتشافها أو تتبعها بالأمر الصعب، والهدف منه عدم حرمان عناصر “حماس” الرهائن من مواصلة الاستماع.

فحوى الرسائل الصوتية

في مسيرة لعائلات الرهائن، سجل مراسل إذاعة الجيش الإسرائيلي مقابلات مختلفة مع أهالي الرهائن وقالوا فيها “نحن نحبكم” و”لا ننساكم” و”نعمل بجهد لأجل الضغط والإفراج عنكم” و”تمسكوا بقوتكم نحن نقاتل من أجلكم” و”سنجتمع قريباً” و”إذا كانوا يسمعوننا نريد أن نقول لكم إن الأهل يحبونكم”.

في آخر اجتماع مغلق بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع عائلات الرهائن، أخبرهم بأنه لا توجد حالياً أي عمليات عسكرية مخطط لها لتحرير أبنائهم في القطاع المحاصر، ولكن أبلغهم أن “الحكومة نفذت أغرب المبادرات وهي رفع موجات تردد راديو الجيش ليصل لأعماق الأنفاق لبث رسائل أمل ترفع معنويات المحتجزين لدى حماس”.

ويقول نتنياهو “الهدف من ذلك تخفيف اليأس بين الأسرى، إذاعة الجيش تبث رسائل عدة مرات في اليوم بلا توقف تطمئن الرهائن الإسرائيليين وتقول لهم: ابقوا أقوياء نحن نقاتل من أجلكم”.

من جهة حركة “حماس”، أكد القيادي فيها أسامة حمدان أنهم يتعاملون مع المحتجزين بإنسانية عالية، وهم ضيوف في غزة وأن مطالبهم مجابة بما هو متاح في غزة، لافتاً إلى أنه يتوجب على قيادة تل أبيب العمل باجتهاد من أجل استعادتهم.