Home سياسة فيدرالية الأكراد و”أف 16″ تفتحان شهية تركيا في الشمال السوري

فيدرالية الأكراد و”أف 16″ تفتحان شهية تركيا في الشمال السوري

15
0

وأخيراً وافقت الإدارة الأميركية على بيع مقاتلات من طراز “أف 16” لتركيا منهية مفاوضات طالت لأكثر من 20 شهراً بعد أن صادقت أنقرة على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الثلاثاء الماضي، عبر بوابة البرلمان التركي.

في هذا الوقت يرجح مراقبون للمشهد في الشمال السوري اتساع التوتر والتصعيد العسكري إبان إعلان إتمام الصفقة التركية الأميركية، التي كسبت خلالها أنقرة 40 مقاتلة إسطنبول حديثة مقابل 23 مليار دولار بعد تعطيل الكونغرس للصفقة بسبب اعتراضه على رفض أنقرة إعطاء الضوء الأخضر لتوسيع حلف شمال الأطلسي.

ومن المنتظر توسيع العمليات العسكرية التركية على المناطق الحدودية في كل من سوريا والعراق لملاحقة مقاتلين لحزب العمال الكردستاني بعد إتمام صفقة تعتبر بمثابة الضوء الأخضر الأميركي لهذا التصعيد، أو توقع أن تتغاضى واشنطن عن ملاحقة الأتراك لمجموعات الكردستاني المصنفة من قبل أنقرة على لوائح الإرهاب، بخاصة تلقي الجيش التركي ضربات متواصلة أدت إلى مصرع 12 جندياً تركياً في آخر هجوم على أحد مواقعه، وسقوط صواريخ على مدن حدودية مصدرها الحزب الكردستاني.

وثمة اعتقاد حول تمهل تركي للدخول بعمل عسكري جديد لاستكمال المنطقة الآمنة على حدود تركيا الجنوبية بعمق 30 كيلومتراً، ودراسة العملية الرابعة بعد ثلاث عمليات (درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام) بين أعوام (2016 و2019). وهذه العملية الجديدة ستكون إحدى الخيارات الصعبة مع حكومة جديدة تواجه تحديات داخلية، وأزمات اقتصادية تعصف بالبلاد وسط تراجع قيمة الليرة التركية.

الفائز والخاسر

في غضون ذلك يبقى إنهاء المفاوضات العسيرة في شأن دخول السويد للناتو بمثابة فوز لسياسة الولايات المتحدة في وجه روسيا بعد إشعالها الحرب الأوكرانية قبل عامين وما أفضت إليه من تقسيم دول العالم إلى جبهتي صراع، وتركت تأثيراتها الصعبة ترخي على الاقتصاد العالمي لا سيما ارتفاع أسعار الغذاء، حيث تعد كييف وموسكو في رأس قائمة الدول المصدرة للقمح عالمياً.

ومن جهة ثانية، يرى متابعون أنه ومع نجاح المفاوضات التركية- الأميركية، فإن تصعيد أنقرة بات قاب قوسين، خصوصاً أنه يراقب تحرك الفصائل الكردية المقاتلة والأحزاب السياسية الساعية للانفصال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتوقع المدير التنفيذي لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، بسام الأحمد في حديثه لـ”اندبندنت عربية”، احتمالية زيادة محاولات التصعيد، لكن المختلف ردود فعل الولايات المتحدة أو المجتمع الدولي، بسبب ما تمر به المنطقة التي تغلي بكثير من القضايا الحساسة والمهمة، لا سيما حرب غزة.

أضاف، “لذلك نرى رد فعل المجتمع الدولي خجولاً أو معدوماً جداً، لامتلاك تركيا بيدها أوراق ضغط عامة مثل الناتو وغيرها، وصفقة الطائرات الأميركية المرتبطة بعضوية السويد بالحلف، كما أن الملف الكردي حاضر بكل النقاشات، لكن أتوقع بقاء الحكومة التركية على محاولاتها للتصعيد، وتدمير سبل العيش في هذه المنطقة، والبنى التحتية”.

حلم الفيدرالية

وشهدت مناطق نفوذ الأكراد في الشمال الشرقي للبلاد في 21 يناير (كانون الثاني) الجاري، فعاليات إحياء الذكرى العاشرة لتأسيس الإدارة الذاتية الكردية، والذكرى السادسة لسيطرة القوات التركية على منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية، وسبقها إعلان الإدارة الذاتية منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي عقداً اجتماعياً جديداً تضمن تعديلات طالت بنية الجهاز الإداري لقوى قوات سوريا الديمقراطية.

وأبرز هذه التعديلات إقرار دستور أبرز مواده إطلاق واعتبار أراضي الشمال الشرقي إقليماً يتبع لما يسمى جمهورية سوريا الديمقراطية، بدلاً من الجمهورية العربية السورية. وعد مراقبون في العاصمة دمشق “العقد الاجتماعي” بمثابة إقرار بالانفصال، وسعياً للفيدرالية التي لم توافق عليها العاصمة بعد.

في المقابل لا يرى الأحمد العقد الجديد فيه أي تحرك من أجل الانفصال، ولكن قد جرى تفسيره “العقد الاجتماعي” الجديد على أنه “فدرلة” المنطقة، ومهما يكن بحسب قوله فإن الفيدرالية “ستجعل تركيا أكثر إصراراً على تبني مشروعها وزيادة هجماتها وتطهيرها لكل المواقع الكردية”.

وتابع، “من الواضح في حال ربط الأحداث ببعضها يمكن القول إن عمليات القصف والتهديد التركي بدأت حينما عمدت وزارة الخزانة الأميركية إلى استثناء مناطق في شمال شرقي وشمال غربي سوريا من العقوبات، ومن الواضح أيضاً أن الحكومة التركية تريد إعطاء انطباع أن هذه المناطق غير آمنة للاستثمارات وأنها مناطق تقع تحت الاستهداف، ولذلك حاولت التقدم بعمليات عسكرية في كوباني وبمنبج، لكن كان هناك رفض دولي وإيراني وروسي علاوة على الأميركي، لذلك تراجعت عن قرارها”.

وذكر أن تركيا لن تتوقف عند ذلك، وستسعى عبر تكتيكات لتطهير الشريط الحدودي من الأكراد، سواء من خلال عمليات عسكرية أو عبر قطع المياه بمحطة (علوك) أو تنقيص مياه نهر الفرات أو استهداف البنية التحتية وكلها خطط مارستها أنقرة خلال السنوات الماضية، وهدفها الأساس تطهير المنطقة”.

نزوح جماعي

مقابل ذلك، تحاول أنقرة منع نشوء ما تصفه بـ”ممر إرهابي” على حدودها. وقال بيان للرئاسة التركية في أعقاب اجتماع أمني للرئيس رجب طيب أردوغان “هناك عزم على الاستمرار بمواصلة مكافحة الإرهاب وتدميره والقضاء عليه”. وعدد البيان الأحزاب الكردية التي تستهدفها تركيا “العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري”.

في هذه الأثناء من المتوقع حدوث حركة نزوح جماعي من المناطق التي تستهدفها أنقرة. ولفت قيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني الانتباه إلى نتائج اشتداد التصعيد العسكري في مناطق شمال شرقي سوريا ومن زيادة وتيرة حرب المسيرات التركية، وتدمير للبنى التحتية واستهداف المدنيين، مما يدفع من بقي من أبناء المنطقة إلى الهجرة، للبحث عن الاستقرار.

إلى ذلك يتخوف سياسيون ومثقفون أكراد في سوريا من حالة الحرب التي تخيم على المنطقة، ومن تطورات سياسية ودولية ستزيد من ضراوة المعركة، قد تصل إلى رفع وتيرة العمليات التركية العسكرية، بخاصة أن سلاح الجو التركي والصواريخ الموجهة أخذت تضرب مواقع وبنى تحتية مثل أماكن لتكرير النفط والغاز ومواقع مدنية منها المشافي والمراكز الخدمية.