Home سياسة تصعيد متبادل للقصف وبيان أوروبي – أميركي – أفريقي يطالب بوقف حرب...

تصعيد متبادل للقصف وبيان أوروبي – أميركي – أفريقي يطالب بوقف حرب السودان

5
0

في تصعيد متبادل بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، ارتفعت من جديد وتيرة القصف والمواجهات في معظم جبهات القتال بمدن العاصمة السودانية الثلاث (الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري)، في وقت يشهد فيه مسار التفاوض والحوار بين الجانبين جموداً وانسداداً منذ فترة، بخاصة بعد تجميد السودان عضويته في منظمة “إيغاد”، وتأكيد الحكومة أنها غير معنية بمخرجات القمة الطارئة الأخيرة التي نادت بعقد لقاء مشترك بين قائدي الجيش و”الدعم السريع” عبدالفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو “حميدتي” في غضون أسبوعين.

القصف المتبادل

وباستثناء المعارك والمواجهات البرية في أحياء أم درمان القديمة وشمال الخرطوم بحري، بات الطرفان يعتمدان بصورة رئيسة على القصف المدفعي المتبادل تجاه مواقع ومناطق سيطرة كل منهما، بينما تواصل الطائرات الحربية والمسيرات التابعة للجيش استهداف تجمعات ومواقع قوات “الدعم السريع” داخل وخارج العاصمة.

وشهد محيط مقر القيادة العامة للجيش، وسط الخرطوم، تصاعداً كثيفاً لسحب الدخان نتيجة تجديد قوات “الدعم السريع” قصفها المدفعي للمنطقة، بينما قصفت مدفعية الجيش ومسيراته أهدافاً لـ”الدعم السريع” جنوب المدينة الرياضية التي تضم معسكراً سابقاً لهذه القوات، حيث انطلقت الشرارة الأولى للحرب. وعلت سحب وأعمدة الدخان في أحياء الشجرة وجبرة والامتداد المتاخمة لمنطقة الشجرة العسكرية وسلاحي المدرعات والذخيرة جنوب الخرطوم، وكذلك حي العمارات شرق الخرطوم.

مواجهات برية

وفي شمال أم درمان، شن الجيش هجوماً مدفعياً مكثفاً من قاعدة وادي سيدنا العسكرية مستهدفاً مواقع “الدعم السريع” وسط أم درمان القديمة. وأوضحت مصادر ميدانية أن المواجهات والمعارك البرية الشرسة لا تزال محتدمة في أحياء أم درمان القديمة، حيث تمكن الجيش من بسط سيطرته على الأجزاء الشمالية من ود نوباوي وسوق أم درمان وأحياء العمدة والمسالمة والقمائر، ونصب نقاط ارتكاز عدة في أحياء بانت وأبو كدوك والموردة وأجزاء كبيرة من جنوب العباسية. وأضافت المصادر أن أعداداً كبيرة من “الدعم السريع” ما زالت داخل مباني الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون، وتحتجز بداخله عدداً كبيراً من الأسرى المدنيين والعسكريين، بينما يحاصرها الجيش من الغرب والجنوب في سوق الموردة ودار الرياضة بأم درمان.

ضحايا جدد

وتابعت المصادر أن قوات الجيش الموجودة في قاعدة الكدرو العسكرية في الخرطوم بحري تواصل عمليات التمشيط داخل أحياء الكدرو والدروشاب والسامراب.

وأدى قصف عشوائي على منطقة شمبات بالخرطوم بحري إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة آخرين بجروح متفاوتة.

وأوضحت تنسيقية لجان مقاومة محلية كرري أن مجموعة من القذائف المدفعية العشوائية سقطت قرب مركز تكية عجيب لتجهيز الوجبات التكافلية بالمنطقة.

حريق المصفاة

وتبادل الطرفان مجدداً الاتهامات بقصف مصفاة الخرطوم للنفط بمنطقة الجيلي شمال العاصمة السودانية للمرة الخامسة، مما تسبب في حريق كبير التهم ما تبقى من الوحدات الداخلية الأساسية للمصفاة. وأكدت قوات “الدعم السريع” حرصها على سلامة المواقع الأثرية والتاريخية بالبلاد والمنشآت العامة في مناطق سيطرتها والتزام حمايتها. وأوضح بيان للناطق الرسمي باسمها أن تحقيقاً أجرته حول ملابسات دخول أفراد من قواتها إلى موقع النقعة والمصورات الأثري، كشف عن أنه كان بغرض التقاط صور لتأكيد وصول القوات إلى ولاية نهر النيل، غير أن الأفراد غادروا الموقع فوراً.

الجزيرة ودارفور

في هذا الوقت اتهمت لجان مقاومة مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة التي تسيطر عليها قوات “الدعم السريع” الجيش بشن غارات جوية على مناطق حيوية وسكنية داخل المدينة.

في المقابل، يسيطر الهدوء الحذر على دارفور في وقت يعيش الإقليم انقطاعاً شبه كامل للكهرباء والاتصالات. ومعلوم أن قوات “الدعم السريع” تسيطر على أربع من ولايات الإقليم الخمس فيما يسيطر الجيش على ولاية شمال دارفور التي تضم مدينة الفاشر عاصمة الإقليم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي ولاية نهر النيل، لقى ثلاثة مواطنين مصرعهم وجرح آخرون على أثر انفجار لغم أرضي استهدف حافلة ركاب كانت في طريقها إلى مدينة شندي بعد خروجها عن المسار المحدد متجاوزة نقاط التفتيش.

العطا يتهم

في الأثناء، اتهم عضو مجلس السيادة الانتقالي مساعد القائد العام للجيش الفريق ياسر العطا قوات “الدعم السريع” بأنها تستجلب أسبوعياً آلاف المرتزقة من بلدان أفريقية عدة مجاورة للمشاركة في حربها ضد الشعب السوداني، وأكد العطا، خلال تفقده عدداً من المستشفيات العاملة في محلية كرري شمال أم درمان، أن الحرب قد اقتربت من نهايتها بانتصار الجيش السوداني والمقاومة الشعبية. ونوه مساعد القائد العام بأن الجيش يجد السند من معظم الأحزاب والقوى السياسية ومجموعات من التيار الإسلامي، وكل حركات السلام المسلحة، بما فيها التنسيق مع الحركة الشعبية شمال (عبدالعزيز الحلو) في جنوب كردفان، فضلاً عن القبائل والطرق الصوفية، وجدد دعمه جهود حكومة ولاية الخرطوم لتوسعة المواعين الصحية على رغم قصفها، متعهداً توفير المال والأجهزة والمعدات اللازمة.

“تقدم” تأسف

سياسياً، أعربت تنسيقية “تقدم” عن “أسفها لبيانات وتصريحات الخارجية المختطفة بواسطة عناصر النظام البائد السابق التي اتخذت منحى عدائياً للمحيطين الإقليمي والدولي لإطالة أمد الحرب برفض مساعي الحلول السلمية”، واتهم البيان “فلول النظام السابق بالخارجية بالعودة بالبلاد إلى مربع العزلة الدولية من جديد بالخطابات والبيانات الرعناء والمستعدية العالم والمحيط الأفريقي والإقليمي والدولي”، ودعت “تقدم” السودانيين جميعاً إلى توحيد وتكامل الجهود خلف التنسيقية بوصفها الصوت المدني الموحد والأوسع الداعي لإيقاف الحرب والعمل على هذا الهدف، وأشارت التنسيقية إلى أن الوقائع، كما كشفت عنها الحرب، تؤكد أنها قامت في الأصل “للقضاء على ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة وتكملة انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) الذي أعاد النظام السابق وعناصره إلى مؤسسات الدولة وعاث من جديد فساداً”.

دول الجوار

من جانبه طالب القيادي بـ”الحرية والتغيير” (الكتلة الديمقراطية) مبارك أردول الحكومة السودانية بالتأكيد مجدداً على التزامها عملية السلام وإنهاء الأزمة على طاولة المفاوضات، وأن يجدد الرئيس (البرهان) كذلك التزامه منبر جدة القاضي بمعالجة القضية الأمنية والملف الإنساني. ورأى أردول أنه وبعد تجميد عضوية السودان ومغادرته منظمة “إيغاد” يجب أن يفتح المجال لدول الجوار كلاعبة جديدة ومهمة تضم دولاً مؤثرة مثل مصر وإريتريا وجنوب السودان وتشاد، إضافة إلى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة وآلية الاتحاد الأفريقي. ولفت أيضاً إلى أن على هذه الآلية، إضافة إلى بعض الشركاء الدوليين، وضع خريطة طريق للحل السياسي للقضية السودانية بمشاركة جميع الأطراف.

ضيق الخيارات

في السياق، نوه المتخصص في العلاقات الدولية الرشيد عبدالمنعم إلى أن تجميد عضوية السودان في منظمة “إيغاد” يضيق الخيارات أمام قيادة الجيش، إذ لم يبق أمامها سوى العودة لمنبر جدة المعلق، وتأكيد التعاون مع اللجنة الثلاثية الرفيعة المستوى التي شكلها الاتحاد الأفريقي، ومن ثم القبول بالعودة لمائدة التفاوض لوقف إطلاق النار والدخول في عملية سياسية لاحقاً. وأشار عبدالمنعم إلى أن كلا طرفي القتال يواجه ضغوطاً أممية ودولية تهدد بتحويل مفاتيح الحلول من أيديهما إلى الفاعلين الإقليميين والدوليين حال استمر الجمود والتعنت، لا سيما أن الجيش يواجه ضغوطاً عسكرية وسياسية محلية وخارجية، كما تواجه قوات “الدعم السريع” ضغوطاً مماثلة بخاصة بعد التقارير الأممية الأخيرة التي ترجح تورطها في جرائم حرب.

محاذير

واعتبر المتخصص في العلاقات الدولية أن المجتمع الدولي يمسك حتى الآن عن تصنيف قوات “الدعم السريع” منظمة إرهابية لإدراكه أن ذلك سيمثل عائقاً أمام جهود السلام، ولكونه سيقضي على أي طموح سياسي ويقتل من ثم رغبتها في الحوار ويدفعها إلى مواصلة وتوسيع الحرب مستفيدة من تقدمها الميداني. وحذر من أن تمادي الحكومة السودانية وتوجهها أيضاً نحو رفض التعاطي مع اللجنة الثلاثية للاتحاد الأفريقي قد يدفع باتجاه الذهاب بالملف السوداني إلى مجلس الأمن الدولي، باعتبار أن الصراع بات يمثل تهديداً جدياً للأمن والسلم الدوليين، لاستصدار قرار من المجلس يكون ملزماً لكل لأطراف، ويهدد بعقوبات تجاه الجهات المعرقلة لوقف الحرب.

بيان ثلاثي

وسط هذه الأجواء، طالب المبعوث الأميركي الخاص لمنطقة القرن الأفريقي مايكل هامر الأطراف السودانية المتحاربة بضرورة الوفاء بتعهداتها بالتوقف عن القتال والتزام مقتضيات القانون الإنساني الدولي.

ولفت هامر، في بيان صادر عن الخارجية الأميركية، إلى أن الوقت قد حان لتنفذ الأطراف السودانية المتصارعة ما تقوله عن رغبتها في إنهاء الحرب والوقوف على حاجات الشعب السوداني.

كذلك، ناشد وزير الخارجية المكلف علي الصادق قادة قمة الجنوب الثالثة المنعقدة في 21- 22 يناير (كانون الثاني) الجاري، بالعاصمة الأوغندية كمبالا، “إدانة الانتهاكات والفظائع التي ارتكبتها (الدعم السريع) في حق الشعب السوداني”، وقال، في كلمته بالقمة، إن الظروف الحالية التي يمر بها السودان من حرب واقتتال أمر طارئ “وسيتم دحر التمرد وتعود الحياة إلى طبيعتها قريباً”.

في الأثناء، دعا ممثلو الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة الأطراف المتقاتلة في السودان إلى الوقف الفوري لإطلاق النار والدخول في حوار حول مستقبل الوضع في السودان. وطالبوا، في قمة عدم الانحياز في كمبالا، في بيان مشترك، بإنهاء التوتر بين الصومال وإثيوبيا حول الاتفاق المبرم بين إثيوبيا و”أرض الصومال”، وحذر البيان من أن التطورات في السودان والتوترات الإثيوبية – الصومالية من شأنها تهديد أمن واستقرار منطقة القرن الأفريقي.

تعهدات الأطراف

وأشار البيان إلى أن التقارير الصادرة عن الاتحادين الأفريقي والأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة تؤكد أن الصراع في السودان قد خلف حتى الآن ما لا يقل عن 7 ملايين شخص بين نازح ومشرد، بينما توقف 19 مليون طفل عن الدراسة.