Home سياسة مناورات سياسية بين عقيلة صالح وعبدالحميد الدبيبة

مناورات سياسية بين عقيلة صالح وعبدالحميد الدبيبة

15
0

تواصلت لعبة المناكفات والمناورات السياسية بين رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح ورئيس حكومة الوحدة في طرابلس عبدالحميد الدبيبة، بعد توجه الأول إلى أنقرة في محاولة لكسب دعمها لتشكيل حكومة ليبية جديدة وسحب دعمها للدبيبة وحكومته، والذي كان عاملاً حاسماً في تثبيت سلطاتها في العاصمة على رغم كل محاولات البرلمان لإسقاطها.

بدوره لم يكن الدبيبة غافلاً عن نوايا رئيس مجلس النواب خلال زيارته لتركيا، فعجل بإخراج ورقة المصالح الاقتصادية التي تخوض أنقرة منافسة شديدة مع قوى إقليمية بارزة عليها في ليبيا لحثها على رفض طلب عقيلة صالح، بالدخول في مفاوضات مع روما لتنفيذ المشاريع الإيطالية المتفق عليها مع طرابلس خلال الأعوام الماضية.

فتح ملفات شائكة

الزيارة الثانية لرئيس البرلمان الليبي لتركيا منذ عودة العلاقات بين الطرفين بداية العام الحالي بعد سنوات من القطيعة التامة والخلافات الحادة والتي تمت أخيراً، قالت مصادر ليبية متطابقة بينها مصادر برلمانية إنها شهدت نقاشات مهمة حول ملفات شائكة كانت سبباً مباشراً لتأزم العلاقات المشتركة طوال الأعوام الماضية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب هذه المصادر، طلب صالح خلال الزيارة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعم تشكيل حكومة جديدة موحدة تشرف على الانتخابات، بينما ضغط أردوغان على صالح لتمرير الاتفاق البحري الذي وقعته بلاده مع حكومة فايز السراج عام 2019 والذي رفضه مجلس النواب الليبي واعتبره مخالفاً للقوانين المحلية والدولية.

وشدد أردوغان على المضي في إجراءات انتخاب سلطة جديدة، مع ضرورة توافق الأطراف الليبية كافة على هذا المسار، بينما طالب عقيلة صالح بإنهاء الوجود العسكري التركي في غرب البلاد، وبينت المصادر الليبية أن أردوغان أبدى للمرة الأولى دعمه لإجلاء القوات الأجنبية كافة عن الأراضي الليبية وتوحيد المؤسسة العسكرية، بما فيها قوات بلاده.

في المقابل، أبدى عقيلة صالح انفتاحه على مناقشة الاتفاق البحري مع تركيا للمرة الأولى أيضاً، وتعهد بتشكيل لجنة تضم خبراء اقتصاديين لدراسة تفاصيل الاتفاق وما إذا كان يصب في مصلحة بلاده قبل عرضه على النواب للتصويت عليه، بحسب التشريعات الليبية.

دعم مهم

في المقابل، اعتبر عضو مجلس النواب الليبي عبدالنبي عبدالمولى، زيارة رئيس المجلس لأنقرة خطوة مهمة لتحريك العملية السياسية المتعثرة في البلاد والحصول على الدعم التركي لإتمام عملية الانتخابات وتوحيد السلطات بالنظر إلى الأثر الكبير الذي تمتلكه تركيا في المشهد الليبي، خصوصاً في المنطقة الغربية والعاصمة، واصفاً الزيارة بأنها “كانت ناجحة وتم التفاهم خلالها مع المسؤولين الأتراك على دعم خطوات مجلس النواب لإنهاء العملية الانتقالية في ليبيا”.

وعلى رغم التحفظ البرلماني على بعض الممارسات التركية، بخاصة وجود قوات عسكرية لها في البلاد، أكد عبدالمولى “ضرورة التعامل مع هذا الواقع”، مبيناً أن “عقيلة صالح فتح جميع الملفات الشائكة في محادثاته في تركيا بما فيها هذا الملف”.

ورأى عضو البرلمان أن “الحل لهذا الملف وكل الملفات الأخرى العالقة بين الطرفين وكل الأطراف المتداخلة والمتشابكة في ليبيا يتطلب وجود سلطة موحدة معترف بها دولياً، ولذلك تواصل البرلمان مع كل الدول الفاعلة في المشهد الليبي لتوضيح رؤيتهم للأزمة والحصول على دعمها لملف تشكيل الحكومة الموحدة”.

خطوة طبيعية

في السياق ذاته، حظيت زيارة رئيس البرلمان الليبي إلى تركيا بمتابعة كبيرة من المهتمين بالشأن السياسي في ليبيا وتحليل مكثف لنتائجها وتداعياتها المرتقبة على المشهد الذي عرف حالاً من الانسداد والجمود التام خلال العام الحالي.

وتطرق مستشار مجلس الدولة السابق صلاح البكوش إلى أسباب زيارة عقيلة صالح إلى تركيا وتغير موقفه منها خلال الفترة الماضية، ورأى أن “التغير في موقف رئيس مجلس النواب من السلطات التركية الحالية جاء بعد وصوله إلى قناعة بأنه لا يمكن تشكيل حكومة موحدة من دون موافقة أنقرة، كما أن هذه الزيارة تأتي ضمن مفاوضات بين الأطراف المتداخلة في ليبيا بهدف الوصول إلى عقد طاولة المفاوضات التي يدعو إليها المبعوث الدولي عبدالله باتيلي”.

وعلق البكوش على الطلب التركي من صالح للموافقة على تمرير اتفاقها البحري مع طرابلس، كشرط لدعم تشكيل حكومة جديدة في ليبيا، قائلاً إن “صالح لن يستطيع مناقشة الاتفاق البحري الذي وقعته تركيا مع حكومة فايز السراج السابقة، لأنه اتفاق دولي ويرتبط بمصالح دول إقليمية”.

تفاؤل غير محسوب

في المقابل، استبعد عضو مجلس النواب علي التكبالي أن تنجح الزيارة التي أجراها عقيلة صالح لتركيا بإحداث تغير جذري في الموقف التركي الخاص بالأزمة الليبية، مشيراً إلى أن “تركيا ما زالت تحتفظ بمصالحها في الغرب الليبي ولن تتخلى عنها أو تغامر في شأنها، لذا يجب ألا يكون هناك تفاؤل كبير أو توقعات بتغييرات جذرية في الموقف التركي بعد هذه الزيارة”.

وأضاف أن “الانفتاح على عودة العلاقة بين تركيا وخصومها في المنطقة العربية وبينهم ليبيا لا يعني وجود اتفاقات حقيقية على حل الملفات الشائكة”.

الدبيبة يخرج ورقته

من جانبها، كانت حكومة طرابلس تتابع بعيون مفتوحة واهتمام كبير مستجدات المحادثات في تركيا بين أردوغان وعقيلة صالح لتأثيرها المتوقع في مستقبلها السياسي ومصيرها، ولقطع الطريق على مساعي رئيس مجلس النواب لإقناع تركيا بدعم تشكيل حكومة جديدة أخرج الورقة الرابحة في علاقاته الإقليمية وهي المصالح والاستثمارات الاقتصادية.

واستقبل الدبيبة في طرابلس وزير الاقتصاد والمالية الإيطالي جيانكارلو جيورجيتي لمناقشة تفعيل الاتفاقات الاقتصادية بين الطرفين والتفاهم حول مزيد منها، في خطوة قرأ محللون ليبيون أنه اتخذها للضغط على أنقرة بغية رفض طلب عقيلة صالح، مستغلاً المنافسة الشرسة بين روما وأنقرة على الاستثمار في ليبيا، خصوصاً في مجال الطاقة. 

وقال المكتب الإعلامي للحكومة الليبية إن “اللقاء ناقش سبل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين ليبيا وإيطاليا في مجالات النفط والطاقة، إضافة إلى بحث تفعيل اتفاقية معاهدة الصداقة المشتركة بين البلدين”.

والمعاهدة المشار إليها في هذا البيان، وقعتها الحكومة الليبية السابقة في عهد معمر القذافي عام 2008 مع إيطاليا، وتشمل صيانة الطريق الساحلي من غرب ليبيا إلى شرقها، إضافة إلى التزام إيطاليا إنجاز مشاريع سكنية وتقديم منح دراسية للطلبة الليبيين في الجامعات الإيطالية وتشجيع الشركات الإيطالية على دخول السوق المحلية.