Home News زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي الثالثة إلى بيروت هل تكون الأخيرة؟

زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي الثالثة إلى بيروت هل تكون الأخيرة؟

15
0

يتردد سؤال في الأوساط اللبنانية منذ وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت ليل الإثنين 11 سبتمبر (أيلول) الجاري، هل تكون زيارته الثالثة حاسمة في شأن ملف رئاسة الجمهورية العالق منذ أكثر من عشرة أشهر أم تكون الأخيرة قبل انتقاله لتسلم مهامه الجديدة في السعودية؟ كل التوقعات تميل بغالبيتها إلى التشاؤم، ويرى كثيرون أن زيارة الدبلوماسي الفرنسي هي لحفظ ماء وجه بلاده والتأكيد أن لـ “الأم الحنون”، كما كان يُطلق على فرنسا، موطئ قدم في “بلاد الأرز” على رغم عدم نجاح مبادرتها الأولى، خصوصاً أن فكرة إلغاء الزيارة كانت وردت في الأسابيع الماضية، بعد التوتر الذي شهدته العلاقة بين فرنسا وإيران، وفق ما كشفت مصادر دبلوماسية فرنسية لـ”اندبندنت عربية”. فمن الواضح أن زيارة لودريان الحالية تحصل في ظل تطورات وأوضاع ومعطيات جديدة على المستويين الخارجي والداخلي، وتتجاذبها عناصر متناقضة، إيجابية ولكن سلبية بنسبة أكبر، تدفع كلها إلى الاعتقاد بأن إيران و”حزب الله” لن يقدما في المرحلة الراهنة أي تسهيلات في لبنان. فإلى جانب التطورات في سوريا التي ينظر إليها الحزب بعين الريبة تأتي زيارة لودريان بعد كلام عالي النبرة هو الأول من نوعه للرئيس إيمانويل ماكرون ضد إيران، محمّلاً إياها و”حزب الله” مسؤولية تعطيل الحل في لبنان، ما أوجد أزمة ثقة بين فرنسا و”حزب الله”، ظهرت نتائجها في كلام أطلقه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري قبل ساعات على وصول لودريان وكرره بعد استقباله في مقر إقامته في عين التينة، عندما تمسك بمبادرته القائمة على معادلة الحوار قبل الانتخاب. وقال بري “هذا ما هو متاح حالياً لمن يريد مصلحة لبنان”. بدوره تولى “حزب الله” توزيع معلومات تؤكد تمسكه بترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. في أي حال، لا شيء واضحاً بعد، باستثناء ما تؤكده المصادر الدبلوماسية الفرنسية عن محاولة ضغط جدية بدفع من المجموعة الخماسية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، فهل تنجح؟

لا مبادرة فرنسية جديدة

واستعاض الموفد الرئاسي الفرنسي عن طاولة الحوار الموسعة التي كان يروّج لعقدها، بعد تبلغه خطياً وشفهياً رفض قوى المعارضة المشاركة بها، بلقاءات ثنائية سيعقدها على مدى أربعة أيام حتى 15 سبتمبر، لا تختلف عن التي عقدها في زياراته السابقة. وفي حين فضّل لودريان في يومه الأول في لبنان عدم إبداء رأيه قبل استكمال الاتصالات واللقاءات التي سيقوم بها، عُلم أنه في اللقاء الأول الذي عقده مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كان مستمعاً أكثر منه متكلماً. وكشفت مصادر مطلعة لـ”اندبندنت عربية” أن الموفد الرئاسي الفرنسي لم يحمل مبادرة جديدة أو طرحاً جديداً إنما حضر إلى لبنان لإكمال مهمته، وفق ما صرح من مقر رئاسة الحكومة حيث بدأ جولته في بيروت. وكان لافتاً تأييده لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي تقوم على عقد حوار موسع على مدى سبعة أيام للاتفاق على رئيس قبل الانتقال إلى جلسات الانتخاب المفتوحة في مجلس النواب. وهو ما ذكره البيان الصادر عن رئاسة مجلس النواب بعد اللقاء وأشار إلى تطابق في وجهات النظر بين لودريان وبري. وجاء تأييد لودريان لمبادرة رئيس مجلس النواب، وهو يدرك مسبقاً رفض المعارضة والقوى المسيحية الأساسية لها، من باب التمني، حين عبّر عن أمله، على حد ما جاء في البيان الصادر عن رئاسة الحكومة، في “أن تكون المبادرة التي أعلن عنها رئيس مجلس النواب بداية مسار الحل”. في المقابل عكس كلام بري تصلباً في الموقف بحيث أسقط الأمل بأي إمكانية للدعوة إلى جلسة انتخاب للرئيس، حاصراً الحل المتاح بالحوار، حين قال “لا سبيل إلا للحوار ثم الحوار ثم الحوار للخروج من الأزمة الراهنة وإنجاز الاستحقاق الرئاسي وهذا ما هو متاح حالياً لمن يريد مصلحة لبنان”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

السفارة الفرنسية توضح

ولم يكن عابراً أن تصدر السفارة الفرنسية بياناً قبل أن تنتهي الزيارة، حددت فيه مسار مهمة لودريان، في خطوة بدت وكأنها تهدف إلى توضيح الالتباس الذي تركه بيان رئاسة الحكومة من جهة وبيان رئاسة مجلس النواب من جهة أخرى نقلاً عن لودريان، وفي البيانين إيحاء بدعمه لمبادرة بري و”الثنائي الشيعي” (حركة أمل وحزب الله) وتفرّد فرنسي مناقض لموقف “المجموعة الخماسية” التي تضم السعودية ومصر وقطر وفرنسا والولايات المتحدة. وأشارت مقدمة البيان الصادر عن السفارة الفرنسية في بيروت، إلى أن “مهمة الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي هي في إطار مهمته التي استهلها في يوليو (تموز) الماضي بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر”. وذكرت السفارة أن “لودريان سيقيم محادثات جديدة تندرج في سياق المبادلات التي أجراها خلال مهمتيه السابقتين، مع كل الجهات الفاعلة السياسية الممثلة في البرلمان والتي تتحمل مسؤولية انتخاب رئيس للجمهورية، وأنه سيتطرق في ظل ضرورة الخروج من الأفق السياسي المسدود حالياً، مع كل الجهات الفاعلة، إلى المشاريع ذات الأولوية التي ينبغي لرئيس الجمهورية الجديد أن يعالجها بغية تيسير بلورة حل توافقي في البرلمان وسد الفراغ المؤسسي”. وإذ وصفت السفارة انتخاب رئيس للجمهورية بأنه ضرورة ملحة وخطوة أولى في سبيل إعادة تحريك المؤسسات السياسية في لبنان، ذكّرت السفارة في البيان بكلام الرئيس الفرنسي خلال مؤتمر السفراء وعزم فرنسا على “العمل من أجل سيادة لبنان واستقراره”. ووصف البيان “الوضع في لبنان بأنه لا يزال يتدهور ومؤسسات الدولة تتضعضع على نحو مقلق في ظل غياب حاكم لمصرف لبنان وتوترات أمنية وبرلمان لم يعد يجتمع للتصويت على قوانين ضرورية من أجل إنعاش البلاد وازدهار اللبنانيين”.   

ظروف الرئاسة لم تنضج بعد

وتؤكد مصادر دبلوماسية لـ”اندبندنت عربية” أنه خلال زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الأخيرة إلى بيروت، تبلّغ الأخير من “حزب الله” عبر برّي الاستعداد لتسهيل ملف الحدود البرية مع إسرائيل كما فعل في ملف الترسيم البحري، لكنه سأل عن المقابل، ولم يتلق جواباً. وفي السياق تدل بعض المؤشرات إلى انتقال الجانب الفرنسي من مربع دعم مرشح “الثنائي الشيعي” سليمان فرنجية، إلى مرحلة استكشاف سبل إقناع المعارضة والقوى السيادية بحوار يؤدي إلى التوافق على رئيس للجمهورية. وتؤكد مصادر دبلوماسية أن الفرنسيين أبلغوا الأميركيين الإلتزام بخريطة الطريق التي حددتها المجموعة الخماسية للأزمة اللبنانية والتي تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية، ما يعني عملياً انتهاء المبادرة الفرنسية الفردية والامتثال بالمسار الذي حددته الدول الخمس مجتمعة في شأن الأزمة اللبنانية. ويأتي في هذا الإطار التحرك القطري غير المعلن والمتوقع بعد مغادرة لودريان بيروت، وسط كلام عن عودة الحديث عن الحل المتكامل الذي يشمل أيضاً شكل الحكومة المقبلة. وتكشف المصادر أن مصر تتولى التنسيق مع النواب السنة الذين يقفون في الوسط، وهم غير مقربين من “حزب الله” لكن غير محسوبين على المعارضة أيضاً، ولفت في هذا الإطار إلى تراجع موقف نواب كتلة “الاعتدال” ذات الغالبية السنية، من القبول بالمشاركة في الحوار إلى المطالبة بالضمانات والإطار والبرنامج لهذا الحوار. وتؤكد مصادر مطلعة أن مرشح “حزب الله” رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية سقط في المعادلة الرئاسية مقابل أسئلة تُطرح حول قائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي يتقدم اسمه بين أسماء أخرى مطروحة، والذي التقاه الموفد الرئاسي الفرنسي، على خلفية الأحداث الأخيرة التي جرت في لبنان، بدءاً من حادثة شاحنة السلاح التابعة لـ”حزب الله” في منطقة الكحالة، مروراً بالاشتباكات الدائرة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، ووصولاً إلى ملف التدفق السوري المستجد عبر الحدود السورية- اللبنانية. في المقابل هناك من يعتبر أن مسار “المجموعة الخماسية” في شأن لبنان معقد ودونه عقبات وبالتالي لا تسوية سريعة ولا انتخابات لرئاسة الجمهورية قريباً، خصوصاً أن ظروفها لم تنضج بعد.