Home News فصل الأكاديميين في إيران بين رفض الطلاب وتأييد أنصار النظام

فصل الأكاديميين في إيران بين رفض الطلاب وتأييد أنصار النظام

8
0

طالب عدد من العناصر المرتبطة بالمؤسسات الأمنية والعسكرية في إيران، منهم برلمانيون في مجلس النواب، بفصل النخب والأكاديميين الذين ينتقدون عمل الحكومة من الجامعات الإيرانية، وتوظيف مزيد من العناصر المقربة من نظام طهران للتدريس في المنشآت الجامعية.

وفي مذكرة احتجاجية وقع عليها آلاف الطلاب وأعضاء التدريس في الجامعات الإيرانية، رافضين من خلالها عمليات التطهير الحكومي وانخفاض المستوى الأكاديمي، طالبوا بعودة جميع الأكاديميين والطلاب الذين تم فصلهم وهددوا السلطات الجامعية بالانقطاع عن الدراسة في العام الدراسي الجديد إذا ما لم تلبَّ مطالبهم.    

وفي هذا السياق، قامت الأجهزة الأمنية ووزارة العلوم في حكومة إبراهيم رئيسي خلال الأسابيع الماضية، وقبل بدء العام الدراسي الجديد في الجامعات، بفصل مئات الأكاديميين الذين كانت لديهم آراء سياسية واجتماعية تختلف عما يعتقده النظام ومؤسساته وعناصره أو الذين انتقدوا أساليب القمع والقتل التي طاولت كثيرين من الطلاب العام الماضي.

أهداف أيديولوجية

وقارن بعض المراقبين عمليات الفصل بـ”الثورة الثقافية” خلال السنوات الأولى من انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 التي طاولت فصل واعتقال عدد من أكاديميي الجامعات المعارضين لنظام طهران في الفترة الواقعة بين عام 1981 و1984، في وقت انتشرت تقارير في الأيام الماضية تفيد بأن سعيد حداديان وهو قائد إحدى المجموعات التي شاركت في قمع الاحتجاجات الشعبية وأحد أتباع النظام الحاضرين في المناسبات الخاصة والعامة عُيّن بجامعة طهران، وكذلك جرى تعيين الصحافي والمحقق أمير حسين ثابتي الذي يعمل لقناة الحرس الثوري لتدريس العلوم السياسية في جامعة شريف الصناعية بالعاصمة، مما أثار موجة من الانتقادات بين صفوف الطلاب والأكاديميين.

وفي تصريح للرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية العضو الحالي في لجنة الطاقة بمجلس النواب فريدون عباسي عن فصل الأكاديميين قال إن “الغاية من توظيف أعضاء هيئات التدريس في الجامعات هي تعزيز أهداف النظام، ويجب على الأكاديمي أن يعلم الطالب وفقاً لأهداف السلطة وأيديولوجياتها، كما أنه من الضروري أن يعرف حدوده، وإذا ما عملوا في إطار النظام ومؤسساته التعليمية، فعليهم أن يتقيدوا بمعتقداته والقبول بالقواعد والضوابط والإطار الحالي، وإذا ما خرج أحدهم عن هذا الإطار، فمن الضروري أن تنظر اللجنة التأديبية في أمره وأن يحاسب”.

مواقف سياسية

وصدرت من بعض المسؤولين الحكوميين مواقف سياسية كان الهدف منها خلق قضايا أمنية ضد المعارضين، إذ صرح عضو لجنة الشؤون الداخلية والمجالس في البرلمان علي حدادي بأنه “في جميع دول العالم الأكاديميون هم من أسباب الهدوء والسلام، إلا أن هناك في صفوفهم من يقف وراء خلق الفتنة بالبلاد”.

ووصف عضو اللجنة الاجتماعية في مجلس النواب علي أصغر عنابستاني، وهو شخصية مثيرة للجدل وسبق أن تصدر عناوين الأخبار بعدما صفع جندياً من إدارة المرور في طهران، التقارير التي تتحدث عن فصل الأكاديميين بأنها مغرضة والغاية منها خلق أجواء سياسية، وقال إن “أعضاء هيئات التدريس حالهم حال موظفي الحكومة ولا يجب أن يستثنوا من القانون، وإذا ما أخطأ أحدهم فيجب أن يحاسب قانوناً”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وزعم عضو هيئة رئاسة مجلس النواب أحمد نادري أن موجة فصل أكاديميي الجامعات ليست سياسية وأمنية، قائلاً إنها “مرتبطة بعدم استيفاء شروط استمرار التعاون بين الأكاديمي والجامعة”، ومضيفاً أنه “خلال السنوات التي قضيتها في جامعة طهران رأيت عدداً من الحالات التي يتم فيها إنهاء التعاون بين عضو هيئة تدريس والجامعة”.

وإذا ما قورنت إحصاءات الأكاديميين المفصولين من الجامعات في الأشهر المنصرمة مع العقد الماضي، نجد أن هناك تضليلاً للرأي العام.

أخبار كاذبة

فبعد فصل متخصصة الهندسة المدنية والبيئة بجامعة تربية مدرس في طهران سمية سيما، قام أربعة من الأكاديميين بدعم زميلتهم عبر رسالة نشروها على وسائل التواصل الاجتماعي قالوا فيها إنه “من المؤسف للغاية أن يحرم أبناء إيران وبسهولة من الطاقات العلمية والتعليمية والبحثية مثلك”، ووصفوا عمليات الفصل بأنها أحداث سيئة وخسارة علمية للبلاد.

في الوقت نفسه، وفي اليوم الذي نشرت جامعة طهران بياناً وصفت ضمنه عمليات فصل الأكاديميين بـ “الأخبار الكاذبة”، بعث عدد من الطلاب برسالة إلى مسؤولي الجامعة، قائلين “نعرف أن إيقاف آذين موحد من دون أمر قضائي يعني فصله، ومنع محسن برهاني من التدريس وخلق قضية أمنية معناه طرده من الجامعة، وكذلك إنهاء التعاون مع مهام ميقاتي يعني حكم فصله من العمل، وأيضاً إبعاد الأكاديميين ذوي الخبرة هي في واقع الأمر محاولة لفصلهم من الجامعات”.    

وأشار وزير العلوم الأسبق في حكومة محمد خاتمي، مصطفى معين، إلى السياسات الأمنية المفروضة على الجامعات، محذراً من هجرة الأكاديميين إلى خارج البلاد، وفي مقابلة له مع موقع “جماران”، انتقد فصل أعضاء هيئة التدريس قائلاً إنه “بدلاً من التطور العلمي نشهد اليوم انهياراً علمياً في البلاد، ومع استمرار الأزمات سينهار النظام أكثر”.

تفريغ علماء

وقال معين، وهو طبيب، إن “الدول الأخرى تستقبل النخب الإيرانية وهي جاهزة للعمل، ففي 2021 فقط غادر البلاد نحو 160 طبيباً متخصصاً في أمراض القلب، كما هاجر عدد من جراحي الأعصاب، لافتاً إلى أن كلفة تأهيل الطبيب المتخصص تصل إلى 10 ملايين دولار ومنوهاً بأن الحفاظ على الطاقات العلمية يعتمد على حفظ كرامتهم الاجتماعية لأن الهجرة خارج البلاد وصلت إلى المستويات الطلابية والمدرسية”. 

وفي أحدث القضايا المتعلقة بفصل الأكاديميين، قضية فصل مهام ميقاتي، وهو متخصص  فنون مسرحية في كلية الفنون الجميلة بجامعة طهران، إذ أكد أن عملية فصله تمت من دون أي إشعار وعبر الهاتف فقط”.

ميقاتي حاله حال كثيرين من الأكاديميين الذين تم فصلهم لأنهم احتجوا على اعتقال الطلاب خلال الاحتجاجات الشعبية التي عمت أنحاء البلاد العام الماضي، وأوقفوا دروسهم دعماً للطلاب الذين اعتقلتهم الأجهزة الأمنية.

وأعلن أمير دبيري مهر، وهو أحد الأكاديميين في مركز التعليم الإذاعي التابع لهيئة الإذاعة والتلفزيون أول من أمس الخميس أن المركز أنهى التعاون معه، وكذلك أوقف برنامجه الإذاعي بحجة انتقاده لسياسات الحكومة.

نقلاً عن “اندبندنت فارسية”