Home News إلى الرئيس عباس.. لا تعتذر ولا تتراجع وأمامك فرصة ذهبية للتكفير عن...

إلى الرئيس عباس.. لا تعتذر ولا تتراجع وأمامك فرصة ذهبية للتكفير عن خطاياك

16
0

إلى الرئيس عباس.. لا تعتذر ولا تتراجع وأمامك فرصة ذهبية للتكفير عن خطاياك

2023 Sep,09

بقلم- عبد الباري عطوان-    تشن اللوبيات اليهودية الصهيونية وحلفاؤها في أوروبا حملة شرسة على الرئيس الفلسطيني محمود عباس هذه الأيام، وتتهمه بمعاداة السامية وإنكار المحرقة، وتسحب منه بعض الأوسمة التي جرى منحها له، وتطالبه بالاعتذار وسحب تصريحاته في هذا الخصوص.
الرئيس عباس لم يخطئ في رأينا والكثيرين من قبلنا حتى يعتذر، وما قاله حول اليهود، وأسباب “حرق” ادولف هتلر لهم، موجود في كتب لكبار المؤرخين الغربيين أصدروها عندما كانت حرية البحث مضمونة، ولهذا نطالبه بعدم الإعتذار، وسحب هذه التصريحات فقط، وإنما بإلغاء اتفاقات أوسلو الكارثية التي “هندسها” وفرضها على الشعب الفلسطيني، والأخطر من كل ذلك فتحها أبواب العواصم العربية امام التطبيع الخياني، كما نطالبه أيضا، بإلغاء الاعتراف بدولة الاحتلال الإسرائيلي وحل سلطته الوطنية فورا، وإنهاء كل أشكال التنسيق الأمني للتكفير عن بعض اخطائه.
***
الجريمة التي ارتكبها الرئيس عباس وأثارت عليه عش الدبابير الصهيوني وذيوله الأوروبية، تجسدت اثناء خطاب له في المجلس الثوري لحركة “فتح” في 24 آب (أغسطس) الماضي في رام الله، عندما قال، ونحن ننقل هنا حرفيا “ان ادولف هتلر لم يقتل اليهود بسبب ديانتهم، وان أوروبا لم تكره اليهود لانهم يهود، وهذا ليس صحيحا، وانما بسبب دورهم الاجتماعي، وبسبب الربا والمال، وليس بسبب دينهم”، وأضاف “اليهود الأشكناز ليسوا ساميين، ولم ينحدروا من نسل بني إسرائيل القدماء، بل من المتحولين الى اليهودية في القرن الثامن، ومن بينهم قبائل الخزر التركمانية، اما اليهود السفارديم (الشرقيون) فهم ساميون”.
أين الخطأ، وأين إنكار المحرقة في كل ما تقدم؟ فكتب التاريخ مليئة بدراسات وبنظريات، ووقائع، وأدلة، تؤكد ما قاله الرئيس عباس حرفيا، مضافا الى ذلك انها ليست المرة الأولى التي يقولها الرئيس الفلسطيني فقد اكدها في أطروحة رسالة دكتوراة حصل عليها من جامعة روسية، وشكك في ارقام المحرقة، والكثير من الظروف والدعايات المحيطة بها.

فلماذا لم نشهد هذه الضجة والإتهامات، وسحب الأوسمة عندما نشر الأديب البريطاني الشهير وليم شكسبير روايته “تاجر البندقية” التي توثق مسألة الربا، وبطلها شايلوك، ولماذا التزمت هذه اللوبيات اليهودية الصهيونية وأنصارها الأوروبيون الصمت عندما اكد سيرغي لافروف وزير خارجية روسيا ان هتلر من أصول يهودية، وان بعض اليهود الالمان تعاونوا معه في مجازره؟ كما ان رئيسه فلاديمير بوتين قال قبل يومين ان الغرب استخدم اليهودي زيلينسكي للتغطية على النازية الجديدة في أوكرانيا التي جرى استخدامها لاستنزاف روسيا وتفكيكها؟

فاذا كان عباس معاديا للسامية لماذا تعاونوا معه، ووقعوا اتفاقات أوسلو، ودعموا سلطته، وحولوا أجهزتها الأمنية الى فرع تابع لنظيراتها الإسرائيلية تقوم نيابة عنها في ارتكاب أكبر جريمة في التاريخ وهي حماية الجنود القتلة والمستوطنين سارقي الأرض؟ هل انتهى دور الرئيس عباس، وبدأت الخطط لإسقاطه وسلطته، بعد ان جرى تحضير البديل وتجهيزه لأخذ مكانه؟
اليهود الصهاينة الذين زوروا التاريخ عندما إدعوّا ان فلسطين أرض بلا شعب، وان لا وجود لشيء إسمه شعب عربي فلسطيني، وان المسجد الأقصى أقيم على أنقاض الهيكل المزعوم، لن يتورعوا عن تزوير التاريخ الألماني الحديث، وحذف، او تغيير كل ما يتعلق بتاريخهم من حقائق، خاصة المتعلقة بالمحرقة التي لا ننكر انها من أبشع المجازر في التاريخ الحديث.
الرئيس عباس اعتذر للأسف وتراجع في آب (أغسطس) عام 2022 عن تصريحات ادلى بها أثناء زيارته الى المانيا عندما قال في مؤتمر صحافي ان الإسرائيليين إقترفوا أكثر من 50 محرقة في حق الشعب الفلسطيني منذ عام 1947 ردا على سؤال “ملغوم” له حول رأيه في “الهولوكوست”، ونأمل ان لا يتراجع هذه المرة، لأن ليس هناك ما يخسره، بعد ان تراجع الإسرائيليون عن كل التزاماتهم في اتفاقات أوسلو، والغوها عمليا، بتوطين حوالي 800 الف مستوطن في القدس والضفة الغربية المحتلين، وتريد حكومة نتنياهو الآن تفريغها من الفلسطينيين من خلال طردهم الى الأردن، وإعلان ضمها رسميا لاحقا.
***
بعد تعرية “الماجدات” في خليل الرحمن امام اطفالهن، والاعدامات الميدانية للشرفاء في جنين ونابلس والقدس المحتلة، وتبخر كل “أوهام” حل الدولتين كليا، ما الذي يمكن ان يخشاه الرئيس عباس وسلطته وقواته الأمنية؟ نطالبه ان يكون على مستوى الشجاعة نفسه لتامير باردو الرئيس السابق للموساد الذي قال ان إسرائيل دولة “فصل عنصري” وانها تطبق قانونين منفصلين على شعبين على ارض واحدة، فاذا كان هذا ليس “أبارتايد”، والقول هنا للخواجة باردو، فما هو “الابارتايد” اذا؟
إسرائيل ولوبياتها نجحت في تزوير التاريخ، واستخدام “اكذوبة” اللاسامية لإدانة كل من ينتقد جرائمها، والآن تريد نزع أهم ما لدى الغرب من حريات، وأبرزها “حرية التعبير”، وتحقق تقدما كبيرا جدا في هذا المضمار للأسف، فالغرب الذي نعيش على أرضه حاليا ليس الغرب الذي كنا نعرفه.
نستطيع ان نكتب في هذا الحيز آلاف الصفحات عن مجازر بريطانيا في حق العرب والمسلمين دون ان نتعرض لأي مسائلة، اما اذا تحدثنا عن مجازر الصهيونية اليهودية في فلسطين المحتلة، فالتهمة جاهزة بمعاداة السامية، وستكون الكارثة أكبر وأخطر اذا أنكر أحدنا المحرقة، او شكك في أرقامها، استنادا الى أبحاث او كتب مؤرخين غربيين، فإن هذا انتهاكا للقانون يستحق العقاب.
انهم يضعون أنفسهم فوق كل القوانين الوضعية والالهية ويفرضون قانونهم، ويجدون من يخضع لغطرستهم.. ولكن هذا الوضع المتغطرس وكل أنواع ابتزازه لن يدوم، والا لدامت الامبراطوريات البريطانية والفرنسية وقبلهما الرومانية.. والقائمة تطول، والنهاية باتت قريبة.. والأيام بيننا.