Home News “ميدفيدف النووي” رجل يوم القيامة

“ميدفيدف النووي” رجل يوم القيامة

11
0

الرئيس الأميركي هاري ترومان كان الأول والأخير حتى إشعار آخر في استخدام السلاح النووي، أمر بقصف هيروشيما وناغازاكي بحجة أن الجنرالات اليابانيين يرفضون الاستسلام في الحرب العالمية الثانية، والقصف النووي يؤدي إلى تسريع الاستسلام.

وما كان ذلك من الضرورات العسكرية قبل الحديث عن الجانب الإنساني والأخلاقي، لكن ترومان أراد، كما يقول مؤرخون أميركيون، أن يدب الرعب في قلب ستالين، بحيث يدرك أن اليد العليا بعد الحرب هي لأميركا.

الرئيس جون كينيدي والأمين العام للحزب الشيوعي نيكيتا خروشوف وصلا إلى حافة الحرب النووية في أزمة الصواريخ السوفياتية في كوبا عام 1962، لكن المفاوضات عبر القناة المفتوحة بين السفير السوفياتي لدى واشنطن ألكسندر دوبرينين وبوب كينيدي وزير العدل وشقيق الرئيس، أدت إلى التراجع ضمن صفقة بين الجبارين.

حتى في الحروب التي وقعت بين الهند والصين، كما بين الهند وباكستان، وهي دول نووية، فإن التهديد بالسلاح النووي بقي خارج اللعبة.

أما الحرب الروسية ضد أوكرانيا فإنها فتحت الباب أمام التلويح بالسلاح النووي. الرئيس فلاديمير بوتين تحدث غير مرة عن استخدام السلاح النووي ضد “أي تهديد وجودي لروسيا”، وكان بين التحديثات العسكرية التي طلبها “تطوير الترسانة النووية لتثبيت توازن الردع النووي”.

كلما جرى التهديد بالسلاح النووي كان وزير الخارجية سيرغي لافروف يخفف من وقع التهديد بالقول إنه لا أحد يريد حرباً نووية، وما تردد الرئيس جو بايدن في القول “لم نواجه احتمال حدوث نهاية العالم” منذ كينيدي وأزمة الصواريخ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما ديمتري روغوزين رئيس وكالة الفضاء الروسية فإنه قال بنوع من الغطرسة “نستطيع تدمير دول الناتو خلال نصف ساعة”، متجاهلاً ما سيحصل لروسيا خلال دقائق.

غير أن الصوت الأعلى في التهديد المستمر هو صوت ديمتري ميدفيدف الذي يستحق لقب “ميدفيديف النووي”، فهو الصديق والمحامي الذي جاء مع بوتين من بطرسبورغ إلى موسكو، رجل لكل الأدوار التي يعطيه إياها بوتين، مستشار، رئيس حكومة خلال رئاسة بوتين لروسيا وبعد اختلافه مع رئيس الحكومة ميخائيل كاسيانوف الذي صار من أشد معارضيه والمصرين على أنه “غير مؤهل للحكم”، رئيس لروسيا حين انتهت ولايتا بوتين الذي أوحى أنه يرفض تعديل الدستور، ويعود لرئاسة الحكومة. رئيس حكومة من جديد بعد عودة بوتين للكرملين، والمنصب الحالي هو نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي.

خلال حرب أوكرانيا دق ميدفيدف غير مرة ناقوس يوم القيامة، خاطب الغرب بالقول إنه لا أحد يستطيع إلحاق هزيمة بدولة نووية، أعاد التذكير بقول خروشوف “شئتم أم أبيتم، التاريخ في صالحنا وسندفنكم”.

وعندما أعلن مسؤول أوكراني بنوع من الخفة في تحمل المسؤولية “أن الشركاء في الغرب وافقوا على العمليات في شبه جزيرة القرم” رد ميدفيدف فوراً بالقول “مواقف الغرب من الضربات الأوكرانية المتواصلة في القرم تعطينا حق الرد على الجميع، الناتو وكل دولة فيه، وتقود إلى اقتراب مواجهة شاملة تستخدم خلالها الأسلحة النووية، مما يهدد بتدمير الحضارة”.

غريب أن يتحدث الرجل بكل هذا الاطمئنان والتبسيط عن نهاية العالم، لكنه يهدد بالوكالة عن سيده، والسيد الذي في الكرملين يدرك أنه لا يستطيع استخدام السلاح النووي، ويدرك ما عبر عنه الجنرال ليونيد بيرشيدسكي بالقول “كيف يمكن إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا إذا لم تتم هزيمتها في حرب أوسع من جغرافيا أوكرانيا؟”.

الغرب ليس في وارد توسيع الحرب، لا بل إن بوتين يقول أخيراً لمجموعة من التلاميذ “روسيا لا تقهر”، وهو على حق، لكن لماذا تحاول روسيا أن تقهر أوكرانيا؟

فتش عن المضاعفات بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، فالسقوط في رأي أندريا كيندال-تايلور ومايكل فورمان في مقالة نشرتها “فورين أفيرز”، “ينظر إليه في موسكو كعملية مستمرة لا كحدث في التاريخ، وحرب أوكرانيا جزء من العملية”، والسلاح النووي ليس لعبة في يد كل من يملكه، وفي الطليعة بوتين وتابعه “ميدفيدف النووي”.