
دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء العالم للتصدي “للإبادة الجماعية” الروسية في بلاده، مشدداً على أن من مصلحة الدول النامية أن تنتصر كييف في هذه الحرب.
وبالزي العسكري الذي أصبح علامته الفارقة منذ بدأ الهجوم الروسي على بلاده قبل عام ونصف العام، اعتلى زيلينسكي منبر الأمم المتحدة حيث جدد دعوة قادة العالم للمشاركة في “قمة للسلام” لوضع حد للحرب الدائرة في أوكرانيا.
وفي خطابه الذي صفق له ممثلو دول غربية وسط شغور عدد كبير من المقاعد، قال زيلينسكي “للمرة الأولى في التاريخ المعاصر لدينا الفرصة لوضع حد للعدوان بشروط البلد المهاجَم”.
وتابع “إنها فرصة حقيقية لكل البلدان، لضمان ألا ينتهي العدوان ضد بلدكم، في حال وقع لا قدر الله، بتقسيم أرضكم”، بل بصون السيادة.
ترحيل الأطفال الأوكرانيين
ووجه الرئيس الأوكراني انتقادات حادة لروسيا على خلفية ترحيلها آلاف الأطفال الأوكرانيين.
وكانت محكمة العدل الدولية أصدرت على خلفية ذلك مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في حين تقول روسيا إنها تنقل يتامى إلى دور رعاية.
وقال زيلينسكي بحضور سفير روسيا لدى الأمم المتحدة الذي بقي جالساً من دون أن يبدي أي تفاعل “يتم تعليم أولئك الأطفال في روسيا أن يكرهوا أوكرانيا، وكل الروابط مع عائلاتهم يتم كسرها”. وأضاف “هذا الأمر هو بكل وضوح إبادة جماعية”.
واتهم روسيا باستخدام الطاقة والغذاء سلاحاً للضغط على العالم. وقال “يستخدم المعتدي أشياء كثيرة أخرى سلاحاً، وهذه الأشياء لا تستخدم حصراً ضد بلدنا إنما ضد بلدانكم أيضاً”.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن دعا من على المنبر نفسه الثلاثاء دول العالم إلى “التصدي للعدوان” الروسي على أوكرانيا، محذراً من التراخي.
وقال بايدن إن “روسيا تعتقد أن العالم سوف يكل وسيُسمح لها بالاعتداء على أوكرانيا من دون عواقب”.
وتابع الرئيس الأميركي “أسألكم: إذا تخلينا عن المبادئ الأساسية (لميثاق الأمم المتحدة) لاسترضاء المعتدي، فهل يمكن لأي دولة عضو في هذه الهيئة أن تكون على ثقة بأنها محمية؟ وإذا سمحنا بتقسيم أوكرانيا، فهل يكون استقلال أي دولة مضموناً؟”.
وأضاف “علينا التصدي لهذا العدوان السافر اليوم لردع أي معتد في المستقبل”.
وصفق الحضور لبايدن لدى دعوته إلى صون وحدة أراضي أوكرانيا، لكن عدداً من قادة دول العالم البارزين قرروا عدم المشاركة في الجمعية العامة هذا العام، لا سيما الصين وبريطانيا وفرنسا.
إنفاق الكثير على الحرب
ويجتمع زيلينسكي أيضاً مع قادة أقل تأييداً لأوكرانيا، بمن فيهم الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي قال سابقاً إن أوكرانيا تتحمل جزءاً من مسؤولية الحرب منتقداً مساعدات عسكرية غربية بمليارات الدولارات تلقتها كييف.
وشدد الرئيس البرازيلي في كلمته على وجوب بذل مزيد من الجهود. وقال “الكثير يتم استثماره في الأسلحة والقليل في التنمية”.
من جهته قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي من المقرر أن يلتقي زيلينسكي إن “الحرب لن يكون فيها أي رابح والسلام ليس فيه أي خاسر”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع “سنعزز جهودنا من أجل وضع حد للحرب عبر الدبلوماسية والحوار على أساس استقلال أوكرانيا ووحدة أراضيها”.
ووُجهت انتقادات حادة لروسيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة على خلفية هجومها في فبراير (شباط) 2022، لكن التركيز على الحرب دفع دولاً نامية إلى انتقاد الغرب لتشتته عن أولويات أخرى ملحة.
وقال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا الذي التقى أيضاً زيلينسكي “إنها إدانة خطيرة لهذا المجتمع الدولي أن نتمكن من إنفاق الكثير على الحرب، من دون أن نتمكن من دعم الإجراءات التي يتعين اتخاذها لتلبية الاحتياجات الأساسية لمليارات البشر”.
وسعى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء لإبقاء الضوء مسلطاً على التنمية، وقد افتتح الجمعية العامة بخطاب ركز فيه على الفيضانات الأخيرة التي شهدتها مدينة درنة الليبية وأوقعت آلاف القتلى.
وقال غوتيريش “فيما نتحدث الآن تنجرف الجثث على شاطئ (…) البحر المتوسط نفسه الذي يستجم تحت شمسه المليارديرات على يخوتهم الفارهة”. وتابع الأمين العام “درنة تجسد بشكل محزن حالة عالمنا: فيضان من انعدام المساواة والظلم وعدم القدرة على مواجهة التحديات”.
واشنطن ستسلم أوكرانيا دبابات “أبرامز”
أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الثلاثاء في ألمانيا أن أوكرانيا ستحصل “قريباً” على دبابات من طراز “أبرامز” من الولايات المتحدة في وقت تتقدم القوات الأوكرانية بشكل ثابت في هجومها المضاد ضد القوات الروسية.
وقال أوستن في افتتاح اجتماع مجموعة الاتصال حول الدفاع في أوكرانيا “يسعدني أن أعلن أن دبابات أم1 أبرامز التي تعهدت الولايات المتحدة تقديمها ستدخل أوكرانيا قريباً”.
واجتمع ممثلو عشرات الدول التي تدعم كييف في ألمانيا لمناقشة المساعدات الجديدة لأوكرانيا قبل خطاب زيلينسكي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وكانت واشنطن وعدت كييف بـ 31 دبابة في مطلع السنة الحالية في إطار مساعدة قدرها 43 مليار دولار تعهدت الولايات المتحدة تقديمها منذ الهجوم الروسي.
وقال مسؤول عسكري أميركي كبير إن المجموعة الأولى من هذه الدبابات سيتم ارسالها في الأيام المقبلة، وستكتمل العملية في غضون أسابيع.
وسترسل الدبابات مع ذخائر باليورانيوم المنضب عيار 120 ملميتر قادرة على اختراق الآليات المصفحة والدروع، كان أعلن عنها في وقت سابق من الشهر الحالي.
وتثير هذه الذخائر جدلاً بسبب ارتباطها بمشاكل صحية مثل السرطان وتشوهات خلقية في مناطق استخدمت فيها في نزاعات سابقة مع أنه لم يثبت بشكل قاطع أنها السبب في ذلك.
ويمثل قرار تزويد أوكرانيا بدبابات أبرامز تحولاً جذرياً، حيث كان مسؤولو الدفاع الأميركيون يقولون مراراً وتكراراً إنها غير مناسبة لقوات كييف بسبب تعقيدها.
وتشن أوكرانيا منذ يونيو (حزيران) هجوماً مضاداً لاستعادة مناطق احتلها الروس لكنها تواجه صعوبات. إلا أن أوستن أكد ان الهجوم الأوكراني “يواصل إحراز تقدم ثابت”.
وأضاف أن “القوات الأوكرانية الشجاعة تخترق خطوطاً شديدة التحصين لجيش العدوان الروسي”.
ستولتنبرغ: أوكرانيا بحاجة ماسة لدفاعات جوية
من جانبه، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ لـ “رويترز” الثلاثاء إن أوكرانيا بحاجة ماسة للحصول على دفاعات جوية بما يشمل الذخائر وقطع الغيار والصيانة لأنظمة لدى الجيش الأوكراني بالفعل.
وأضاف أن المعركة هناك “حرب استنزاف” لكنها ليست في حالة جمود بالنظر للمكاسب التي حققتها أوكرانيا في هجومها المضاد الذي بدأته في يونيو لمحاولة استعادة الأراضي من يد القوات الروسية.