محللون: ماذا يعني قرار الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو
يبحث الخبراء ما صدرمؤخرا عن محكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق في حكومته يوآف غالانت والتي عللت قرارها بأن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأنهما ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
وفي هذا الشأن أكد الباحث الأكاديمي “جبريل العبيدي” في مقاله ” اعتقال نتنياهوبين الخيال والواقع” في صحيفة الشرق الأوسط، أن مذكرة اعتقال نتنياهووغالانت تعد خطوة أولى نحوتحقيق العدالة للضحايا ولو شكليا، فصدورالمذكرة في حد ذاته نقلة نوعية في مجال ملاحقة مجرمي الحرب وصانعي الحروب وإبادة الشعوب وقد حركت المياه الراكدة في ملف إدانة قادة إسرائيل بل وجعلتهم في شبه عزلة دولية.
ويشيرالعبيدي، إلى اسراف نتنياهوفي القتل والدماربين غزة ولبنان من دون رادع حقيقي لما يفعل في الحروب وإطالة عمرها ليتمكن من الفرارمن ملاحقات بقضايا فساد في إسرائيل، بينما اليوم أصبح الأمرأكثرشدة عليه لأنه ملاحق محليا ودوليا، مما قد ينعكس على حالة الهياج والسعارالمصاب بها من الحرب والقتل والدماروالاختباء خلف أشلاء القتلى ودماء الأبرياء وركام البيوت في غزة ولبنان.
وتحت عنوان “تحول تاريخي: الجنائية الدولية تلاحق نتنياهو” علق الكاتب الفلسطيني “محمد عايش” في صحيفة القدس العربي، أن مذكرة الاعتقال التي صدرت عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت، تشكل تحولا تاريخيا بالغ الأهمية، وهي لحظة فاصلة في تاريخ النضال الفلسطيني ضد الاحتلال، وذلك على الرغم من كونها جاءت متأخرة جدا، وبعد أن قتل الاحتلال أكثر من أربعين ألفا من المدنيين الأبرياء، وتسبب بأسوأ كارثة إنسانية في العصر الحديث
ويتابع محمد عايش قائلا، أن مذكرة الاعتقال الصادرة بحق نتنياهو وغالانت تحمل جملة من الدلالات والانعكاسات المتوقعة، وهذه أبرزها:
أولا: هذه المذكرة تنسف السردية الإسرائيلية التي يتم ترويجها في العالم منذ 14 شهرا، والتي تقوم على الادعاء بأن إسرائيل تمارس حقها في الدفاع عن النفس، وأن ما تقوم به في غزة والأراضي الفلسطينية يرمي إلى تحقيق الأمن للإسرائيليين، فإذا بهذه المذكرة تشكل قرارا واضحا من أعلى هيئة قضائية مستقلة في العالم، بأن ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية هو جريمة حرب، وعملية إبادة جماعية، وأن القائمين على هذه الجريمة يتوجب إيقافهم ومحاسبتهم على فعلتهم.
ثانيا: صدور مذكرة اعتقال دولية بحق نتنياهو يعني انتهاء حياته السياسية من الناحية العملية، إذ من غير المعقول أن يستمر طويلا في منصبه، ولا يوجد ما يدفع إلى الاعتقاد بأنه يستطيع التعايش مع وجود هذه المذكرة، كما لن يستطيع القيام بمهامه، وعلى الرغم من أننا نعلم بأنه على الأغلب لن تقوم أية دولة باعتقاله، لكن هذه الدول في المقابل لن تفتح له الأبواب ولن ترحب به.
وتصدرت عنوان”عقاب المحكمة الجنائية” بقلم الإعلامي “عماد الدين أديب”، صحيفة البيان، حيث أوضح فيه إن مذكرة التوقيف ليست شخصية، لكنها تقوم على مبدأ قانوني، هو أن عمليات الإبادة الجماعية، والتجويع والحصار، والمخالفات كافة التي ارتكبت ضد المدنيين الفلسطينيين في الفترة التي تلت 7 أكتوبر 2023 في قطاع غزة ما كان لها أن تحدث لولا القرار السياسي الذي سمح، ووافق، ودعم مثل هذه المخالفات الشديدة من قبل رئيس الوزراء ووزير دفاعه.
ويرى عماد الدين أديب، إنها المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية التي تتحول فيها شخصية السياسي اليهودي عالميا من حالة الضحية الكاملة إلى حالة المذنب الكامل، كما إنها المرة الأولى التي يتحول فيها ضحايا محرقة هتلروأحفادهم إلى متهمين بارتكاب جرائم ضد ضحايا أبرياء.
وفي هذا السياق يشيرعماد الدين أديب في مقاله إلى 3 أمور:
1.الغضب الشديد لدى النخبة السياسية الإسرائيلية، 2. التعاطف الشديد من أنصارإسرائيل وعلى رأسهم والولايات المتحدة، 3. تحضيرإدارة ترامب الجديدة مجموعة من الإجراءات العقابية التي سوف تتخذها ضد المحكمة الجنائية الدولية فوراستلام هذه الإدارة مقاليد الحكم عقب حفل التنصيب الرئاسي يوم 20 ينيايرالمقبل.
أما صحيفة العربي الجديد، فتصدرها مقال الصحفي “محمد أحمد بنيس” بعنوان “في أسباب قرار الجنائية الدولية وتداعياته المحتملة”، حيث يعتقد بنيس أن منعطف غزة شكل اختبارا عسيرا لآليات العدالة الدولية، وفي مقدمتها محكمتا العدل والجنائية الدوليتان، ما يعني أن القفز على الجرائم الإسرائيلية كان سيدخل هذه العدالة في نفق مظلم، وسيكشف انحيازها السافر للغرب، وهو ما سينزع عنها المصداقية القانونية والأخلاقية، خاصة أن هناك نزاعات وحروبا في العالم تستدعي إصدار مذكّرات اعتقال في هذا الخصوص.
وتبابع أحمد بنيس، أن القراريبقى انتصارا رمزيا وأخلاقيا للشعب الفلسطيني المظلوم. فقد كشف الوجه الاستعماري والاستيطاني لدولة الاحتلال أمام العالم، وحولها إلى دولة خارجة عن القانون. ولذلك ستكون هناك تبعات سياسية واقتصادية سيكون عليها أن تجابهها في المستقبل، بصرف النظر عن مآلات الحرب، وأبرزها انتكاس سرديتها الزائفة بشأن معاداة السامية، وتزايد احتمالات عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي قد يشهده المجتمع الإسرائيلي، وارتفاع معدلات الهجرة منها صوب بلدان أخرى، واتّساع قاعدة الحركة العالمية لمقاطعتها.
وأصدرت محكمة الجنايات الدولية الخميس الماضي 21 نوفمبر 2024 بطاقتي الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت بسبب ما جاء في بيان المحكمة من وجود أسباب منطقية تدعو للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت أشرفا على هجمات على السكان المدنيين في قطاع غزة.
موضحة في البيان ذاته أن جرائم الحرب هذه تشمل، استخدام التجويع كسلاح حرب والقتل والاضطهاد وغيرها من الأفعال غير الإنسانية، وأعلنت المحكمة في بيانها أنّ قبول إسرائيل باختصاص المحكمة ليس شرطا وهو غير ضروري.
النهایة