شهد قطاع غزة مجزرة جديدة، ويوم آخر من الرعب بعد قصف إسرائيلي استهدف مدرسة التابعين ما أدى إلى استشهاد ما يقارب من مئة فلسطيني، ومَن نجا من تحت أنقاض الركام، سيعيش دون أطراف أو بعاهات مستديمة وفق مصادر محلية في القطاع.
ولا تبسط الإدانات المفتوحة على كل اتجاهات الجغرافيا والدعوات المتعددة إلى وقف إطلاق النار من صعوبات عمليات انتشال الشهداء التي لا تنتهي.
إدانات للمجزرة الإسرائيلية
ويزعم الجيش الإسرائيلي أنه استهدف بالمدرسة قيادات في المقاومة. لترد حماس بأنّ تل أبيب تختلق الذرائع والحجج السخيفة لاستهداف المدنيين.
وقد ندّدت دول غربية وعربية، ومنظمات دولية، بالقتل وأكدت ضرورة وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، ووصفت الاستهداف الإسرائيلي بالخرق الفاضح للقانون الدولي والإمعان في القتل الممنهج ضد الفلسطينيين.
وتؤكد المقررة الأممية أنّ تل أبيب تمارس إبادة جماعية بأسلحة أميركية وأوروبية، ليقول البيت الأبيض إن إدارة بايدن تشعر بقلق بالغ إزاء التقارير عن سقوط مدنيين في غزة عقب غارة شنتها إسرائيل على مدرسة التابعين.
وأمام القلق الأميركي، يبرز الفزع الأوروبي على حد التعبير الذي استخدمه منسق السياسة الخارجية للاتحاد جوزيب بوريل، فيما تؤكد “اليونيسف” أن أكثر من نصف المدارس المستخدمة لإيواء النازحين في غزة تمّ قصفها مباشرة منذ بداية الحرب، مع المطالبة بضرورة توفير الحماية للمدارس والملاجئ. ويبدو أن هذه المعادلة غير قابلة للتحقيق في ظل ترديد إسرائيل دائمًا أنها ستواصل الحرب حتى تحقيق الأهداف.
“مأساة مروعة”
وفي هذا السياق، يشير مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق وكبير المستشارين بالمجلس الأطلسي في واشنطن، الدكتور توماس واريك، إلى أن واشنطن لديها رؤية مختلفة، حيث أن “هجوم حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي انتهك وقف إطلاق النار الذي حاولت الولايات المتحدة ودول أخرى إعادته’، وفق قوله.
لكنه اعتبر في حديث إلى “التلفزيون العربي” من واشنطن أن ما حدث في مدرسة التابعين “مأساة مروّعة بالفعل”. وقال: “إن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل شرحًا أكثر مما قدمته بشأن ما حدث”.
وأضاف أن “إسرائيل ردّت بأنها استهدفت 19 مقاتلًا من حركة حماس، لكنها لم تشرح لماذا استخدمت هذه الذخائر (الأميركية)، مما أدى إلى مقتل الكثير من الناس وإلحاق أضرار كبيرة”.
وأشار واريك إلى أن ما يشغل واشنطن في هذه المرحلة الحساسة من المفاوضات هو توقعها من حكومة بنيامين نتنياهو أن تهتم بأهمية الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. ورأى أن واشنطن ترغب في أن لا تقوم إسرائيل وحماس بما يعيق التوصل إلى وقف إطلاق النار، وفق تعبيره.
موقف الاتحاد الأوروبي
وحول موقف الاتحاد الأوروبي من جرائم الاحتلال، يلفت أستاذ الدراسات الأوروبية بجامعة ستانفورد، الدكتور أولريش بروكنر، إلى أن الاتحاد الأوروبي دعم الشعب الفلسطيني ولا يزال يفعل ذلك، مشيرًا إلى أن “بعض دول الاتحاد ترسل ذخائر وأسلحة إلى إسرائيل، حيث أن لكل دولة علاقاتها الخاصة مع دول العالم العربي ومع إسرائيل”.
وفي حديث إلى “التلفزيون العربي” من برلين، يوضح بروكنر أن “ألمانيا تتمتع بوضع خاص استنادًا إلى تاريخ الشعب اليهودي”، لافتًا إلى أن “سياسة ألمانيا الخارجية تقتضي بالدفاع عن إسرائيل”، وفق قوله.
استهداف المدنيين “نهج إسرائيلي”
وتعليقًا على استهداف الاحتلال للمدارس ومراكز الإيواء في غزة، يرى أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا، الدكتور إبراهيم فريحات، أن السياسة الإسرائيلية لم تتغير منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث تسير بالوتيرة نفسها وتهدف إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة وجعلها منطقة غير صالحة للسكن.
وفي حديث إلى “التلفزيون العربي” من الدوحة، يؤكد فريحات أن هذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الاحتلال المدارس، مستذكرًا استهداف الاحتلال لمدرسة الفاخوري ومستشفى الشفاء وغيرها.
كما اعتبر فريحات أن الهجوم على مدرسة التابعين “ليس حادثًا منفصلًا”. وقال: ‘إن استهداف هذه المدرسة، ضمن مجموعة من المدارس والأهداف المدنية والمستشفيات والمقابر وسيارات الإسعاف، يؤشر إلى أن ما تفعله إسرائيل يمثل نهجًا تعتمده”.