
مخيمات من أعواد الخشب تأوي اليمنيين، مغطاة بالخيام والبلاستيك ومتلاصقة من دون فواصل، وعلى رغم قبولهم الحياة المتردية فيها إلا أن الواقع يثبت أن هناك معاناة مستمرة، وتعد الحرائق أحد المخاطر التي تهددهم لا سيما في فصل الصيف، فمع اشتعالها بأحد الخيام تستعر النيران ويصعب إطفاؤها والسيطرة عليها، إذ ينتقل الحريق من خيمة إلى أخرى.
أمر موجع أن تكون نازحاً وأجهدك النزوح ونال منك على كل المستويات، وبينما أنت ترتب حفلة فرح في العائلة إذ بالنار تلتهم مسكنك، بل وتفقد أحد أركان العائلة في الحريق، ويغادر الباقون إلى المستشفى للعلاج، وتتحول الفرحة الطارئة إلى مأتم مستدام.
نيران المأوى
هذه الحال مع النازح هلال أحمد بمحافظة مأرب شرق اليمن، إذ أسفر تماس كهربائي عن اندلاع حريق وسط تجمع عائلي للنازحين، أودى بحياة زوجته وإصابة اثنين من أبنائه بجروح، والتهمت النيران أربعة مساكن أخرى بمحتويتها كانت قرببة من منزله.
الحريق لم يكتف بالضحايا بل حول السكان إلى مشردين لدى أسر أخرى نازحة، وأصبحوا لا يملكون سوى الملابس التي كانوا يلبسونها عندما اندلعت النيران بمنازلهم، إذ التهمت كل شيء في منزل هلال أحمد، وطاولت الأموال المخصصة لزفاف ابنته.
تقف أم محمد على أطلال المنازل والخيام التي التهمتها الحرائق، وهي أحد أقرباء الأسرة المنكوبة، وتقول “العائلة كانت ستذهب إلى السوق لشراء حاجات العروسة مساء ذلك اليوم”، ليست عائلة هلال أحمد وحدها التي التهمت الحرائق مسكنها، فهناك مئات النازحين حولتهم إلى مشردين.
حوادث متكررة
ومساء أمس الأحد اندلع حريق هائل في مخيم للنازحين في المحافظة ذاتها، ملتهماً عشرات الخيام والمساكن الخاصة بالنازحين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمحافظة مأرب (حكومية) في بيان لها “إن المخيمات تشهد ارتفاعاً في حوادث الحرائق بصورة غير مسبوقة آخرها الذي حدث يوم أمس الأحد في مخيم الجفينة القطاع الثاني مربع 16، الذي خلف دماراً هائلاً وتسبب بتلف في المأوى ومواد الإيواء وبقية ممتلكات الأسر.
وأشار البيان إلى أن 44 أسرة تضررت من الحرائق، منهم 12 عائلة من الجنسية الصومالية والإثيوبية، مؤكداً أن 39 أسرة تعرض ممتلكاتها للتلف الكلي وخمس أسر لتلف جزئي.
وأفادت وحدة النازحين أن آلاف الأسر التي تسكن المخيمات في مأوى طارئ مكون من خيام وعشش من أعواد النبات المتهالكة، وتعاني هشاشة البنية التحتية ورداءة المأوى، مناشدة شركاء العمل الإنساني الدوليين والمحليين بسرعة التدخل بشكل عاجل وبصورة استثنائية لإغاثة المتضررين وتوفير حاجاتهم والسعي إلى إيجاد مأوى انتقالي.
بدوره أشار مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مأرب سيف مثنى إلى “احتراق 229 مأوى نازحين منذ بداية العام الحالي، وأسفر ذلك عن ست وفيات و21 مصاباً”.
أسباب الحرائق
من جانبه يقول مدير التنسيق في الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين محمد السعيدي إن الحرائق تحدث بمخيمات النزوح في مأرب نتيجة الضغط الكبير على الكهرباء، لافتاً إلى أن أكبر خطر يهدد المخيمات يتمثل في خطوط التيار الكهربائي، إذ يلجأ النازحون إلى وصله بطرق عشوائية ومكشوفة، وبعض الوصلات تكون متدلية على الأرض وقريبة من حركة الناس.
وأشار السعيدي إلى أن ثاني أهم عامل لحدوث الحرائق هو وضع المطابخ داخل خيمة السكن نفسها، مما يتسبب في إشتعال الخيمة وما بداخلها، منوهاً بمخاطر تقارب المساكن وعدم وجود مسافة كافية بينها، وهو ما يتسبب في امتداد النيران لتطاول عشرات الأسر.